الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط
| د. جاسم حاجي
يقوم الذكاء الاصطناعي (AI) بالفعل بعمل تغيير جذري في كل من خدمات القطاع العام والصناعة الخاصة مع تغيير أكبر في المستقبل، وحجم هذا التغيير المحتمل شاسع، حيث يشير تقرير حديث لشركة “PwC” إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساهم بمبلغ 320 مليار دولار في اقتصاد الشرق الأوسط بحلول عام 2030 - أي ما يعادل زيادة بنسبة 11 % في الناتج المحلي الإجمالي خلال ما يزيد قليلاً عن عقد من الزمان، في حين من المرجح أن الصناعات التجارية الخاصة مثل البيع بالتجزئة ستستفيد بشكل كبير من ظهور الذكاء الاصطناعي، فإنه من المتوقع أن تحقق عناصر القطاع العام، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمرافق والخدمات الحكومية، أكبر المكاسب.
بالنسبة للشرق الأوسط، فإن هذا الأمر له أهمية واهتمام خاص، نظراً للمدينة الذكية والتطلعات الحكيمة الذكية لاقتصاداتها الرائدة، وقد أصبحت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، رائدة في هذا المجال بالفعل، مستفيدة من الابتكارات التكنولوجية التي هي إما جاهزة للتبني أو التي يجري صقلها حاليًا أو تحجيمها ليتم تطبيقها على نطاق أوسع، وتمهد هذه الاستخدامات المبكرة للذكاء الاصطناعي الطريق لمستقبل خدمات القطاع العام من الجيل التالي الذي يمكن أن يرقى إلى مستوى الإدارة الذكية الفعلية.
من بين الاستخدامات الحالية للذكاء الاصطناعي، يعد التعلم الآلي من بين أكثر الأساليب انتشارًا ولديه إمكانات هائلة لإحداث ثورة في الطريقة التي ننظر بها إلى عالم العمل، من خلال أتمتة المهام والعمليات الروتينية ذات الحجم الكبير والتي تتطلب القليل من المدخلات الإبداعية، وتشير التقديرات الحالية إلى أن ما يقدر بنحو 45 % من جميع الوظائف الموجودة في الشرق الأوسط يمكن أن تكون مؤتمتة اليوم، ما يؤثر على أكثر من 20 مليون موظف بدوام كامل، ويوفر 366.6 مليار دولار من دخل الأجور، وهذا ينطبق على الإدارات والوكالات الحكومية بقدر ما ينطبق على القطاع الخاص.
من الفوائد التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، وفورات في التكاليف التشغيلية للدوائر الحكومية، اتخاذ القرارات والحلول بشكل أسرع لطلبات واستفسارات المواطنين، المزيد من الدقة في حفظ السجلات ومعالجتها من خلال القضاء على الخطأ بشري، يتم تحرير العاملين بالحكومة لإجراء المزيد من العمل الإبداعي والاستراتيجي.
المشاريع المؤثرة: خفضت “HMRC” في المملكة المتحدة (هيئة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك) جميع أوقات التعامل مع مراكز الاتصال بنسبة 40 % وتكاليف المعالجة بنسبة 80 % من خلال تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي التي تدعم التعلم الآلي.