“حل توفيقي”

| زهير توفيقي

سبق‭ ‬أن‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬مقالاتي‭ ‬عن‭ ‬الإتيكيت‭ ‬والذوق‭ ‬العام‭ ‬والممارسات‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬مراسم‭ ‬مجالس‭ ‬العزاء،‭ ‬لكن‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭ ‬لا‭ ‬حياة‭ ‬لمن‭ ‬تنادي،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬“تنفخ‭ ‬في‭ ‬جربة‭ ‬مقضوضة”‭! ‬فالكل‭ ‬منا‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مجالس‭ ‬العزاء‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬أو‭ ‬الصالات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬رائعًا‭ ‬وسهلا‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬والشكر‭ ‬موصول‭ ‬لجميع‭ ‬العوائل‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭ ‬الجبار‭ ‬ليكون‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬حسناتهم‭. ‬الجميع‭ ‬يشاهد‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المجالس‭ ‬من‭ ‬“هرج‭ ‬ومرج”‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعزين،‭ ‬والكثير‭ ‬منهم‭ ‬يستغل‭ ‬تواجده‭ ‬في‭ ‬إبرام‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭! ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬أمام‭ ‬مرأى‭ ‬أهل‭ ‬الميت‭ ‬حيث‭ ‬الضحك‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لمشاعر‭ ‬أهل‭ ‬الميت‭!‬

بالله‭ ‬عليكم‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬لائق،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أتقبل‭ (‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المتوفي‭) ‬هكذا‭ ‬وضع،‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الصعب‭ ‬لفقدان‭ ‬عزيز‭ ‬لدي،‭ ‬إذا‭ ‬هناك‭ ‬خلل‭ ‬وممارسات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬نتبعها‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬لماذا‭ ‬نريد‭ ‬الاستمرار‭ ‬بها،‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬نغيرها‭ ‬بأنفسنا،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬بأن‭ ‬التغيير‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬سر‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭. ‬

قال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الكريم‭ ‬“إِنَّ‭ ‬اللّهَ‭ ‬لاَ‭ ‬يُغَيِّرُ‭ ‬مَا‭ ‬بِقَوْمٍ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يُغَيِّرُواْ‭ ‬مَا‭ ‬بِأَنْفُسِهِمْ”،‭ ‬لقد‭ ‬بح‭ ‬صوتنا‭ ‬ونحن‭ ‬نؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬تغيير‭ ‬تلك‭ ‬التصرفات‭ ‬غير‭ ‬المستحبة،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬بأننا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نحرص‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بهذا‭ ‬الواجب‭ ‬الأدبي‭ ‬والديني‭ ‬وهي‭ ‬عادة‭ ‬حسنة‭ ‬جدًا‭ ‬ونرجوا‭ ‬أن‭ ‬تتوارثها‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬وأنا‭ ‬هنا‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أطرح‭ ‬اقتراحًا‭ ‬أراه‭ ‬جيدًا‭ ‬ويمثل‭ ‬حلا‭ ‬توفيقيا‭ ‬أو‭ ‬مثاليًا‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬الشخصية،‭ ‬متمنيًا‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬ظلاله‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المجالس‭ ‬والقائمين‭ ‬عليها‭.‬

الاقتراح‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تشغيل‭ ‬جهاز‭ ‬تسجيل‭ ‬لآيات‭ ‬من‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم‭ ‬وذلك‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬استقبال‭ ‬المعزين،‭ ‬وبذلك‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬حققنا‭ ‬الهدف‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬الناس‭ ‬تضطر‭ ‬للخشوع‭ ‬عند‭ ‬سماع‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ويتهيأ‭ ‬لي‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬سيضع‭ ‬حدًا‭ ‬لتلك‭ ‬التصرفات‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة‭.‬

الإنسان‭ ‬بطبيعته‭ ‬يقاوم‭ ‬التغيير‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬سلوكيات‭ ‬متبعة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬خاطئة،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يسمونه‭ ‬بـ‭ ‬“العرف”‭ ‬أو‭ ‬التقليد‭ ‬المتبع،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬عيبنا‭ ‬الدائم‭ ‬ولا‭ ‬نملك‭ ‬الجرأة‭ ‬والشجاعة‭ ‬للتغيير،‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الصيني‭ ‬“رحلة‭ ‬الألف‭ ‬ميل‭ ‬تبدأ‭ ‬بأول‭ ‬خطوة”‭. ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يلقى‭ ‬الاقتراح‭ ‬آذانًا‭ ‬صاغية‭ ‬وذلك‭ ‬للمصلحة‭ ‬العامة‭. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬