وَخْـزَةُ حُب

قِفْ... إنها سنة جديدة!

| د. زهرة حرم

ماذا‭ ‬تعني‭ ‬لك‭ ‬السنة‭ ‬الجديدة؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬مجرد‭ ‬رقم‭ ‬زائد‭ ‬وكفى‭! ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬“وقفة”‭ ‬سريعة‭ ‬أو‭ ‬متأنية‭ ‬مع‭ ‬النفس؛‭ ‬لمساءلتها‭ ‬عمّا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬سابقتها‭: ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬رغبات‭ ‬وأهداف،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إنجازه‭ ‬بعد‭! ‬ما‭ ‬نجحت‭ ‬فيه،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬أخفقت‭! ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬يرى‭ ‬فيها‭ ‬امتدادًا‭ ‬للسنوات‭ ‬السابقة،‭ ‬ولا‭ ‬جديد،‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬تقوده‭ ‬إليه‭ ‬الأقدار،‭ ‬وبعضهم‭ ‬الآخر‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬بحماسة‭ ‬وتفاؤل‭ ‬الحالمين؛‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬سابقاتها‭. ‬تراهم‭ ‬يُمنون‭ ‬النفس‭ ‬بالتغيير،‭ ‬والاختلاف‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭! ‬وفي‭ ‬الحالتين؛‭ ‬لا‭ ‬القدر‭ ‬يُسعفك‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه‭ ‬دون‭ ‬حراك،‭ ‬ولا‭ ‬الأماني‭ ‬تدفعك‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭!‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬على‭ ‬السنة‭ ‬الجديدة‭ ‬أن‭ ‬تجرّك‭ ‬إلى‭ ‬القلق‭ ‬على‭ ‬نفسك‭! ‬القلق‭ ‬الصحي‭ ‬المطلوب‭! ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشغلك‭ ‬تمامًا‭ ‬بنفسك‭: ‬ماذا‭ ‬فعلت؟‭ ‬وكيف‭ ‬أبليت؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬تُحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك؟‭! ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬حدثٍ‭ ‬جديد‭ ‬تُقبل؟‭ ‬وكيف‭ ‬ستتغير،‭ ‬أو‭ ‬تتطور؟‭ ‬وكيف‭ ‬ستُحرك‭ ‬الجامدَ‭ ‬في‭ ‬حياتك؟‭! ‬كيف‭ ‬ستخرج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬مشاكلك؟‭ ‬وماذا‭ ‬أعددت‭ ‬لمن‭ ‬حولك؟‭! ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشغلك‭ ‬التفكير‭ ‬بالجديد‭ ‬الذي‭ ‬تُضيفه‭ ‬إلى‭ ‬سنتك‭ ‬الجديدة،‭ ‬فمن‭ ‬الكارثة‭ ‬أن‭ ‬تكونَ‭ ‬امتدادًا‭ ‬لسابقتها‭ ‬وفقط؟‭! ‬مهما‭ ‬كنتَ‭ ‬راضيًا‭ ‬عمّا‭ ‬مضى‭ ‬منها‭! ‬ومن‭ ‬الأسوأ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬–‭ ‬أنتَ‭ ‬–‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬المتقادمة‭ ‬مجرد‭ ‬مُسيّر،‭ ‬لا‭ ‬اختيار‭ ‬لك‭ ‬أو‭ ‬قرار؛‭ ‬كأية‭ ‬شجرة‭ ‬تُميّلها‭ ‬الرياح‭ ‬باتجاهاتها،‭ ‬يمينا‭ ‬أو‭ ‬يسارا،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬تقتلعها؛‭ ‬فتستسلم‭ ‬لنهايتها‭! ‬هذا‭ ‬مُحزن‭.‬

قِف‭ ‬مطولا‭ ‬أمام‭ ‬نفسك‭: ‬حاوِرها،‭ ‬سائِلها،‭ ‬انتزِع‭ ‬الإجابات‭ ‬منها،‭ ‬واعترِف‭ ‬بصدق‭! ‬إن‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬جديدة‭ ‬هي‭ ‬فرصة‭ ‬لا‭ ‬تُعوّض‭ (‬للتذكير‭) ‬وجَرد‭ ‬الحسابات‭! ‬ليشتغل‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬شُغل‭ ‬المحاسبين‭ ‬المدققين‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬عام‭: ‬لنجمع‭ ‬أو‭ ‬نُسجل‭ ‬حصادنا‭ (‬كل‭ ‬عملٍ‭ ‬أنجزناه‭)‬،‭ ‬ونراجعه،‭ ‬ونقوم‭ ‬بتحليله،‭ ‬وفحصه،‭ ‬والتأمل‭ ‬فيه،‭ ‬ما‭ ‬مكاسبنا‭ ‬منه؟‭ ‬ما‭ ‬خسارتنا؟‭ ‬ماذا‭ ‬نقترح‭ ‬لنعوض‭ ‬أو‭ ‬نزيد؟‭ ‬ما‭ ‬موقعنا‭ ‬من‭ ‬أنفسنا‭ ‬ومن‭ ‬الآخرين؟‭ ‬كيف‭ ‬نقيّم‭ ‬أداءنا؟‭ ‬هل‭ ‬يأخذنا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬تدريجي‭ ‬نحو‭ ‬أهدافنا‭ ‬الكبرى،‭ ‬أم‭ ‬يضعنا‭ ‬عند‭ ‬مفترق‭ ‬طريق‭ ‬ضبابيّ‭! ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة؛‭ ‬وجب‭ ‬الوقوف،‭ ‬وامتنع‭ ‬الحراك،‭ ‬وحانت‭ ‬لحظة‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الأوراق‭ ‬والأوضاع‭!‬

لم‭ ‬يفت‭ ‬الأوان‭ ‬أبدًا،‭ ‬ومازال‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬وقت؛‭ ‬ومازالت‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬سنوات‭ ‬قابلة‭ ‬للتحريك؛‭ ‬للعيش‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬نرغب‭ ‬فيه‭ ‬أو‭ ‬نريد؛‭ ‬فالسنوات‭ ‬الجديدة‭ ‬تقول‭ ‬لنا‭: ‬مرحبًا‭ ‬بكم‭ ‬وسهلا‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الحياة،‭ ‬وأنَّ‭ ‬مَنْ‭ ‬عَمَّركم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬واستخلفكم‭ ‬فيها؛‭ ‬جعلكم‭ ‬جديرين‭ ‬بها،‭ ‬ولكن‭! ‬بشرط‭ ‬واحد‭ ‬هو‭: ‬العمل؛‭ ‬فاللذة‭ ‬أو‭ ‬الراحة‭ ‬ليست‭ ‬مجانية‭! ‬ليست‭ ‬للمتراخين‭ ‬المتقاعسين‭ ‬المتكاسلين؛‭ ‬إنها‭ ‬تأتي‭ ‬بعد‭ ‬جهد‭ ‬وبذل‭ ‬وعطاء؛‭ ‬فتُزيّن‭ ‬الحياة‭ ‬بألف‭ ‬معنى‭ ‬ومعنى‭.‬