لمحات

ابتدائية وشهادات عليا

| د.علي الصايغ

يرتكز‭ ‬مستقبل‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬ليخوض‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬غمار‭ ‬الحياة‭ ‬بمتاعبها‭ ‬على‭ ‬مقومات‭ ‬أساسية،‭ ‬لا‭ ‬تتقاطع‭ ‬أبدا‭ ‬مع‭ ‬النظرة‭ ‬العامة‭ ‬السابقة‭ ‬تجاه‭ ‬العمل؛‭ ‬ففي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬كانت‭ ‬الشهادة‭ ‬الثانوية‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬الابتدائية‭ ‬كفيلة‭ ‬بتوفير‭ ‬وظيفة‭ ‬جيدة،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فلا‭ ‬فائدة‭ ‬ترجى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الشهادات،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬شهادات‭ ‬عليا؛‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬اعتبار‭ ‬لمعيار‭ ‬الكفاءة‭ ‬البتة،‭ ‬بل‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكلي‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬أخرى‭ ‬لسنا‭ ‬بغفلة‭ ‬عنها،‭ ‬وهذا‭ ‬كفيل‭ ‬بحتمية‭ ‬مواجهة‭ ‬مشكلات‭ ‬كثيرة‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬مستقبلا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ستتحمله‭ ‬الأجيال‭ ‬المقبلة‭ ‬شئنا‭ ‬أم‭ ‬أبينا‭!‬

الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬لا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تخصصاتهم،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬يعدونها‭ ‬ثانوية‭ ‬أساسا،‭ ‬أو‭ ‬طارئة‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬أو‭ ‬هواية‭ ‬لهم،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يفقهون‭ ‬فيها‭ ‬شيئا،‭ ‬وهو‭ ‬الأسوأ‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭!‬

إن‭ ‬الغياب‭ ‬الواضح‭ ‬لاعتماد‭ ‬معيار‭ ‬الكفاءة‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬يكلف‭ ‬الدولة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخسائر؛‭ ‬لأنه‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الجودة‭ ‬النهائية‭ ‬لمختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬ولا‭ ‬عزاء‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لمصير‭ ‬الأجيال‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬عقيم‭ ‬كهذا،‭ ‬أما‭ ‬الخيارات‭ ‬الأخرى‭ ‬المتاحة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬عليها‭ ‬العقلية‭ ‬المتحيزة،‭ ‬ولم‭ ‬تتسلط‭ ‬بعد‭ ‬عليها،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬التجارة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استثمار‭ ‬المواهب‭ ‬فقد‭ ‬باتت‭ ‬خيارات‭ ‬مجدية‭ ‬للأجيال،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يبدأ‭ ‬التوجه‭ ‬الصارم‭ ‬لإحلال‭ ‬الكفاءات‭ (‬فقط‭) ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المناسبة‭ ‬لها،‭ ‬فالثمن‭ ‬الذي‭ ‬ستدفعه‭ ‬الأجيال‭- ‬للأسف‭ - ‬سيكون‭ ‬باهظا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط‭.‬