عزل ترامب بين الواقع والأحلام (1)

| سالم الكتبي

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تصويت‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأميركي‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬الاتهام‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬وإحالتها‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬لاستكمال‭ ‬الإجراءات‭ ‬الدستورية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمحاكمته‭ ‬وعزله‭ ‬من‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬اتهامات‭ ‬تتعلق‭ ‬باستخدام‭ ‬سلطاته‭ ‬لأهداف‭ ‬ومصالح‭ ‬شخصية‭ ‬وعرقلة‭ ‬عمل‭ ‬الكونغرس،‭ ‬هو‭ ‬تصويت‭ ‬تاريخي‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأهداف‭ ‬والنتائج‭ ‬المتوقعة‭ ‬ومآلات‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭.‬

يقول‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬أغلبية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأميركي‭ ‬إنهم‭ ‬يمتلكون‭ ‬أدلة‭ ‬موثقة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬اخترق‭ ‬القوانين‭ ‬وحرض‭ ‬الحكومة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬خصمه‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بايدن‭ ‬بتهم‭ ‬تتعلق‭ ‬بالفساد‭ ‬التجاري‭ ‬مقابل‭ ‬منح‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مساعدات‭ ‬أميركية‭ ‬كبيرة،‭ ‬لكن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬ينفي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهذه‭ ‬الادعاءات‭ ‬أية‭ ‬قيمة‭ ‬حقيقية‭ ‬ويستشهد‭ ‬بتأكيدات‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬السجال‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أنه‭ ‬يتعرض‭ ‬لموقف‭ ‬حرج‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بسبب‭ ‬كونه‭ ‬ثالث‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي‭ ‬يواجه‭ ‬رسمياً‭ ‬المساءلة‭ ‬باتهامات‭ ‬سلطاته‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬سياسية‭ ‬شخصية‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬بسيطة‭ ‬لمعدلات‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬التهمتين‭ ‬الموجهتين‭ ‬للرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬صوت‭ ‬بأغلبية‭ ‬230‭ ‬صوتاً‭ ‬مقابل‭ ‬197‭ ‬وامتناع‭ ‬نائب‭ ‬واحد‭ ‬عن‭ ‬التصويت،‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬تهمة‭ ‬استغلال‭ ‬السلطة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية،‭ ‬كما‭ ‬صوت‭ ‬المجلس‭ ‬بأغلبية‭ ‬229‭ ‬صوتاً‭ ‬مقابل‭ ‬198‭ ‬وامتناع‭ ‬نائب‭ ‬واحد‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬التهمة‭ ‬الثانية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعرقلة‭ ‬عمل‭ ‬الكونغرس،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نسب‭ ‬التصويت‭ ‬واحدة‭ ‬تقريباً‭ ‬في‭ ‬التهمتين،‭ ‬وأن‭ ‬التصويت‭ ‬جاء‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬اعتبارات‭ ‬حزبية‭ ‬بحتة،‭ ‬ولعب‭ ‬فيه‭ ‬التحزب‭ ‬الدور‭ ‬الأبرز،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬عيباً‭ ‬فهي‭ ‬بالأساس‭ ‬معركة‭ ‬سياسية‭ ‬حزبية‭ ‬يحاول‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬فيها‭ ‬إدانة‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬إفشال‭ ‬مخططه،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬فرص‭ ‬تمرير‭ ‬هذه‭ ‬الاتهامات‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬معدومة،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬تصويت‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬“الشيوخ”‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الدعائية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة‭ ‬لعباً‭ ‬على‭ ‬وتر‭ ‬الاتهامات‭ ‬بالفساد‭ ‬والمصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭. ‬

حسابياً،‭ ‬وبالأرقام،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يصوت‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأميركي‭ ‬بأغلبية‭ ‬الثلثين‭ ‬على‭ ‬عزل‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬سيطرة‭ ‬الجمهوريين‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المجلس،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬لأن‭ ‬التصويت‭ ‬يعني‭ ‬انهيار‭ ‬فرص‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬على‭ ‬منصب‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬تمتد‭ ‬ارتدادات‭ ‬زلزال‭ ‬أي‭ ‬تصويت‭ ‬جمهوري‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬انتخابية‭ ‬عديدة‭ ‬مقبلة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الكونغرس‭ ‬أو‭ ‬الرئاسة‭. ‬“إيلاف”‭.‬