مواقف إدارية

إنه مبدع ومتميِّز وهذا يزعجنا

| أحمد البحر

جاءنا‭ ‬هذا‭ ‬المدير‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المؤسسة‭ ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬بدأ‭ ‬يتأقلم‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬وتمكّن‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬ثقتها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يلقى‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭. ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬التسامح‭ ‬معه،‭ ‬لقد‭ ‬قرّرنا،‭ ‬أنا‭ ‬ومعي‭ ‬بعض‭ ‬الزملاء،‭ ‬عدم‭ ‬التعاون‭ ‬معه‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إسقاطه‭ ‬ونريدك‭ ‬معنا‭ ‬وتأكد‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬نجاح‭ ‬مساعينا‭ ‬فستكون‭ ‬أنت‭ ‬أحد‭ ‬المرشحين‭ ‬لمنصبه‭!‬

وتابع‭ ‬محدِّثي‭: ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬طلب‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬نقلته‭ ‬إليك‭ ‬بالحرف‭ ‬الواحد،‭ ‬ما‭ ‬رأيك؟‭ ‬أجبته‭ ‬باستغراب‭ ‬شديد‭: ‬وبماذا‭ ‬أجبته؟‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬لم‭ ‬أقدر‭ ‬على‭ ‬التعليق‭ ‬فقد‭ ‬حبست‭ ‬الدهشة‭ ‬لساني،‭ ‬بعدها‭ ‬قلت‭ ‬لصاحب‭ ‬الطلب‭ ‬الغريب‭: ‬المدير‭ ‬الذي‭ ‬تتحدّث‭ ‬عنه‭ ‬وتنوي‭ ‬إسقاطه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أكفأ‭ ‬المسؤولين‭ ‬لدينا،‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬تعرفها‭ ‬أنت‭ ‬ويعترف‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭. ‬كلنا‭ ‬نعرف‭ ‬تاريخه‭ ‬المهني‭ ‬وإنجازاته‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬عمل‭ ‬فيها‭ ‬سابقًا‭. ‬الجميع‭ ‬بدأ‭ ‬يرى‭ ‬وبوضوح‭ ‬بصماته‭ ‬وجهوده‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬العمل‭... ‬نعم‭ ‬الجميع‭ ‬إلا‭ ‬أولئك‭ ‬الفاشلون‭ ‬والحاسدون‭ ‬وأعداء‭ ‬الناجحين‭. ‬ضحك‭ ‬محدثي‭ ‬وهو‭ ‬يختم‭ ‬حديثه‭ ‬قائلاً‭: ‬قلت‭ ‬لذاك‭ ‬الشخص‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬أنت‭ ‬وزملاؤك‭ ‬أن‭ ‬تنافسوه‭ ‬في‭ ‬أدائه؟‭ ‬فصمت‭ ‬وهرول‭ ‬خارجًا‭.‬

أستذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬مقولة‭ ‬مؤثرة‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬أميركي‭ ‬الجنسية‭ ‬والحاصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬زويل‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭: ‬’’في‭ ‬الغرب‭ ‬يدعمون‭ ‬الفاشل‭ ‬حتى‭ ‬ينجح‭ ‬وفي‭ ‬الشرق‭ ‬يحاربون‭ ‬الناجح‭ ‬حتى‭ ‬يفشل‘‘‭. ‬انتهى‭. ‬ليتني‭ ‬أقدر‭ ‬أن‭ ‬أصنّف‭ ‬تلك‭ ‬المقولة‭ ‬وأضعها‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬المبالغة‭ ‬أو‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬’’مقولة‭ ‬تنقصها‭ ‬الحقيقة”،‭ ‬هذا‭ ‬خارج‭ ‬مقدرتي،‭ ‬فالدكتور‭ ‬زويل‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬النتيجة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التخمين‭ ‬أو‭ ‬الحدس‭ ‬أو‭ ‬بدافع‭ ‬من‭ ‬الانفعال،‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬علم‭ ‬ومعرفة‭ ‬وأبحاث‭ ‬ويؤمن‭ ‬فقط‭ ‬بالحقائق‭ ‬والثوابت‭ ‬والبراهين‭.‬

مقولة‭ ‬مؤثرة‭ ‬وأكاد‭ ‬أصفها‭ ‬بالمؤلمة،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الوصف‭ ‬فإنها‭ ‬تبقى‭ ‬تحمل‭ ‬بين‭ ‬جنباتها‭ ‬بعض‭ ‬الحقيقة‭ ‬وربما‭ ‬كل‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فأمثال‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬مهما‭ ‬صغر‭ ‬حجمها،‭ ‬وأقصد‭ ‬أعداء‭ ‬الناجحين،‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجتمع،‭ ‬إنهم‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬في‭ ‬قلوبهم‭ ‬مرض‭ ‬فزادهم‭ ‬الله‭ ‬مرضًا،‭ ‬تلك‭ ‬كانت‭ ‬حكاية‭ ‬من‭ ‬الواقع‭. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟