ستة على ستة

العراق وضرورة الرجوع للشعب

| عطا السيد الشعراوي

في‭ ‬وقت‭ ‬غابت‭ ‬فيه‭ ‬الحلول‭ ‬الجادة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وطال‭ ‬فيه‭ ‬صبر‭ ‬المتظاهرين‭ ‬والمحتجين‭ ‬وتفاقمت‭ ‬فيه‭ ‬أنواع‭ ‬وكميات‭ ‬العنف‭ ‬والقمع‭ ‬ضدهم،‭ ‬واصل‭ ‬المرجع‭ ‬الديني‭ ‬الشيعي‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬علي‭ ‬السيستاني،‭ ‬توجيه‭ ‬النصائح‭ ‬والاقتراحات‭ ‬العملية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البلاد‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬دور‭ ‬واجب‭ ‬ومفروض‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يشعر‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬وطنه‭ ‬طالما‭ ‬بإمكانه‭ ‬المساعدة‭ ‬والمساهمة‭ ‬ولو‭ ‬حتى‭ ‬بالإرشادات‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬السليم‭.‬

دعا‭ ‬السيستاني‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬نيابية‭ ‬مبكرة،‭ ‬لإخراج‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬بعد‭ ‬شهرين‭ ‬ونصف‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ (‬أقرب‭ ‬الطرق‭ ‬وأسلمها‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬وتفادي‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المجهول‭ ‬أو‭ ‬الفوضى‭ ‬أو‭ ‬الاقتتال‭ ‬الداخلي‭ ‬هو‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬بإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭).‬

وطالب‭ ‬بضرورة‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬الانتخابات‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬منسجماً‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬الناخبين،‭ ‬يقرّبهم‭ ‬من‭ ‬ممثليهم،‭ ‬ويرعى‭ ‬حرمة‭ ‬أصواتهم‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬بالالتفاف‭ ‬عليها،‭ ‬حاثًا‭ ‬على‭ ‬التنافس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الانتماءات‭ ‬المناطقية‭ ‬أو‭ ‬العشائرية‭ ‬أو‭ ‬المذهبية‭ ‬للمرشحين‭ ‬بل‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتصفون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬ومؤهلات‭.‬

واضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاقتراحات‭ ‬والمطالب‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬للأزمة‭ ‬العراقية‭ ‬الراهنة‭ ‬وهي‭ ‬أولا‭ ‬ابتعاد‭ ‬سلطات‭ ‬الدولة‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬تنفيدية‭ ‬وتشريعية‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬ومصالحه‭ ‬واحتياجاته‭ ‬وهمومه‭ ‬وكرست‭ ‬بذلك‭ ‬الفساد‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬وأنواعه،‭ ‬وثانيًا‭ ‬الطائفية‭ ‬المقيتة‭ ‬التي‭ ‬قسمت‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬لسنوات‭ ‬عدة‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬إفقار‭ ‬الجزء‭ ‬الأعظم‭ ‬منه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

أما‭ ‬ثالث‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬للأزمة‭ ‬فهي‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬العاملين‭ ‬السابقين‭ ‬بكل‭ ‬قوتها‭ ‬وتعمل‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭ ‬لأجل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الانفصال‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والشعب‭ ‬العراقي،‭ ‬وحولت‭ ‬بوصلتها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لمصالح‭ ‬إيران‭ ‬وأتباعها‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

لهذا،‭ ‬فإن‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬مقبولة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬سيكون‭ ‬خطوة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬إملاءات‭ ‬خارجية‭ ‬وتؤكد‭ ‬وطنيتها‭ ‬وخدمتها‭ ‬لكل‭ ‬العراقيين‭.‬