أكثر من 180 “صرحًا”.. شيدها سمو ولي العهد

| سعيد محمد

في‭ ‬سجل‭ ‬الأمم‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬لا‭ ‬تنهض‭ ‬الأوطان‭ ‬إلا‭ ‬بالعقول‭ ‬الخلاقة‭ ‬المبدعة‭ ‬والمنتجة،‭ ‬فهذه‭ ‬العقول‭ ‬“هي‭ ‬الصروح‭ ‬الحقيقية”‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬أركان‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وعمادها‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬الشباب،‭ ‬وكلما‭ ‬تقدمت‭ ‬العلوم‭ ‬وازدهرت‭ ‬وتطورت‭ ‬الابتكارات‭ ‬وتنافست،‭ ‬وظهرت‭ ‬تخصصات‭ ‬وتنامت،‭ ‬كلما‭ ‬أصبح‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬المستقبل‭ ‬والاستعداد‭ ‬لتحديات‭ ‬أكبر،‭ ‬هم‭ ‬الشباب‭.‬

تعود‭ ‬بي‭ ‬الذاكرة‭ ‬إلى‭ ‬لقاء‭ ‬أول‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬لجمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1999‭ ‬مع‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬قارب‭ ‬الساعة،‭ ‬كنت‭ ‬وزملائي‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الجمعية،‭ ‬نستمع‭ ‬إلى‭ ‬“منظومة”‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬والخطط‭ ‬والطموحات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يسردها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬“تخطيط‭ ‬مستقبلي”‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬فكر‭ ‬إستراتيجي،‭ ‬وكلها‭ ‬كانت‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬تهيئة‭ ‬وتأهيل‭ ‬شباب‭ ‬البحرين،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والتأهيل‭ ‬الأكاديمي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والرياضة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬المعرفة،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬المحاور‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬تمثل‭ ‬اللبنة‭ ‬الرئيسة‭ ‬الأولى‭ ‬لخطط‭ ‬وبرامج‭ ‬الاستثمار‭ ‬وتمكين‭ ‬الشباب‭ ‬كهدف‭ ‬استراتيجي‭ ‬وطني‭ ‬المعالم‭.‬

الهدف‭ ‬الأول‭ ‬والأكبر‭ ‬هو‭ ‬“الهم”‭.. ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬كان‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬هذا‭ ‬“الهم”‭ ‬كواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الهموم‭ ‬التي‭ ‬يلزم‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الفكر‭ ‬والنخبة‭ ‬المثقفة‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬بأفكارهم‭ ‬ومبادراتهم،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬“صياغة‭ ‬مستقبل‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التفكير‭ ‬العميق‭ ‬في‭ ‬تخيل‭ ‬المستقبل‭ ‬ومدى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬الفرص‭ ‬للشباب”،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مشاريع‭ ‬التنمية‭ ‬الطموحة،‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تتحقق‭ ‬دونما‭ ‬إعداد‭ ‬هذه‭ ‬الكوادر‭ ‬التي‭ ‬سيكون‭ ‬عليها،‭ ‬بعد‭ ‬توفير‭ ‬الفرص‭ ‬وتمهيد‭ ‬السبل،‭ ‬مسئولية‭ ‬النهوض‭ ‬بالوطن‭.‬

قبل‭ ‬مدة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬القدامى،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬استفاد‭ ‬أبناؤهم‭ ‬من‭ ‬“برنامج‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬للمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬العالمية”،‭ ‬فهذا‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1999‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬بمثابة‭ ‬شرفة‭ ‬كبيرة‭ ‬للمجتهدين‭ ‬والمتميزين‭ ‬والنوابغ‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬ممن‭ ‬حققوا‭ ‬نتائج‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬شهادتهم‭ ‬الثانوية،‭ ‬ولا‭ ‬تتوافر‭ ‬لديهم‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية،‭ ‬واليوم‭ ‬يعيد‭ ‬سموه‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬البرنامج،‭ ‬ومنذ‭ ‬20‭ ‬عامًا،‭ ‬نجني‭ ‬ثماره‭ ‬عبر‭ ‬“تمكين‭ ‬الشباب‭ ‬علميًا‭ ‬ومعرفيًا‭ ‬وتدريبيًا،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬لمخرجاته‭ ‬أثر‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الإسهام‭ ‬بمواصلة‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التنموية‭ ‬للمملكة‭ ‬عبر‭ ‬المراكز‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تبوأها‭ ‬المنتسبون‭ ‬للبرنامج‭ ‬بعد‭ ‬تخرجهم،‭ ‬متمنيًا‭ ‬للدفعة‭ ‬الحالية‭ ‬والدفعات‭ ‬اللاحقة‭ ‬مواصلة‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬البرنامج‭ ‬وخدمة‭ ‬الوطن”‭.‬

وإذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬سيكون‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬“187‭ ‬صرحًا”‭ ‬من‭ ‬العقول‭ ‬والطاقات‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬استفادت‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬منذ‭ ‬انطلاقته،‭ ‬والتحقت‭ ‬بجامعات‭ ‬عالمية‭ ‬وهم‭ ‬يمثلون‭ ‬مختلف‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭.. ‬تلك‭ ‬الصروح‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ستشيد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬“صروح‭ ‬النهضة‭ ‬المستقبلية”‭ ‬المأمولة‭ ‬لبلادنا‭ ‬الغالية‭.‬