سيدي الرئيس

| د. عبدالله الحواج

كنت‭ ‬بين‭ ‬جموع‭ ‬الزائرين‭ ‬للحفيد‭ ‬الغالي‭ ‬محافظ‭ ‬المحافظة‭ ‬الجنوبية‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بمناسبة‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ ‬المجيد‭ ‬وعيد‭ ‬جلوس‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬كان‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأعياد‭ ‬الوطنية‭ ‬والمناسبات‭ ‬البحرينية‭ ‬المجيدة،‭ ‬وكانت‭ ‬الملحمة‭ ‬الرياضية‭ ‬التي‭ ‬حقق‭ ‬فيها‭ ‬فريقنا‭ ‬الوطني‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬الفوز‭ ‬الكبير‭ ‬بكأس‭ ‬الخليج‭ ‬مثار‭ ‬فخر‭ ‬لجميع‭ ‬الحاضرين‭.‬

رغم‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬السؤال‭ ‬يلح‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬اللسان‭! ‬كيف‭ ‬حال‭ ‬الرئيس‭ ‬يا‭ ‬ترى؟‭ ‬هل‭ ‬صحة‭ ‬سموه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُرام؟‭ ‬ما‭ ‬نتائج‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية؟‭ ‬متى‭ ‬سيعود‭ ‬سالمًا‭ ‬غانمًا‭ ‬معافى‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن؟

وعلى‭ ‬الفور‭ ‬كان‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬قد‭ ‬اكتسب‭ ‬فطنة‭ ‬قراءة‭ ‬الوجوه‭ ‬من‭ ‬جده‭ ‬العظيم‭ ‬ووالده‭ ‬الوفي‭ ‬فإذا‭ ‬بسموه‭ ‬يبادر‭ ‬بالقول‭: ‬إن‭ ‬صحة‭ ‬الجد‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬حال،‭ ‬والفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬تكللت‭ ‬جميعها‭ ‬بالنجاح‭ ‬والحمد‭ ‬لله،‭ ‬وإن‭ ‬سموه‭ ‬قد‭ ‬غادر‭ ‬المستشفى‭ ‬وسوف‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬مملكته‭ ‬الحبيبة‭ ‬قريبًا‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وحفظه‭. ‬وهنا‭ ‬دار‭ ‬في‭ ‬مخيلتي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مشهد‭:‬

الأول‭: ‬يرتبط‭ ‬بالأدوار‭ ‬الشعبية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وكيفية‭ ‬انعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬النماء‭ ‬والانتماء،‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وتثوير‭ ‬المعارف‭ ‬والإمكانات‭ ‬العلمية‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬قطاعات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المختلفة‭.‬

الثاني‭: ‬أن‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬قد‭ ‬ساهم‭ ‬وبشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬قواعد‭ ‬الحرية‭ ‬المسؤولة‭ ‬للمواطن،‭ ‬والأمن‭ ‬اللازم‭ ‬لصون‭ ‬استقرار‭ ‬البلاد‭ ‬وحماية‭ ‬منشآتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والحيوية،‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬سوف‭ ‬يلقي‭ ‬بمسؤولية‭ ‬مضاعفة‭ ‬على‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬حتى‭ ‬تستمر‭ ‬مسيرة‭ ‬العطاء‭ ‬زاهية‭ ‬نابضة‭ ‬بالحنو‭ ‬والرعاية،‭ ‬بالعمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬البناء‭.‬

الثالث‭: ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الرئيس‭ ‬بما‭ ‬اكتسبه‭ ‬من‭ ‬صيت‭ ‬ذائع‭ ‬القيمة‭ ‬والصدى‭ ‬نتطلع‭ ‬جميعًا‭ ‬وبشغف‭ ‬منقطع‭ ‬النظير؛‭ ‬كي‭ ‬يواصل‭ ‬مسيرته‭ ‬الخلاقة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬دعم‭ ‬معطيات‭ ‬التنوير‭ ‬المجتمعي،‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للنخب‭ ‬كي‭ ‬تنهل‭ ‬من‭ ‬نهر‭ ‬الخبرات‭ ‬الغزير‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬سموه‭ ‬وهو‭ ‬يحكي‭ ‬عن‭ ‬تجاربه،‭ ‬وحين‭ ‬يفيض‭ ‬برؤيته‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الوطنية‭ ‬المهمة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬اخترقت‭ ‬حواجز‭ ‬الخصوصية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬بيوتنا‭ ‬وعقولنا‭ ‬وفلذات‭ ‬أكبادنا‭.‬

الرابع‭: ‬إن‭ ‬سمو‭ ‬الرئيس‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬التعافي‭ ‬كان‭ ‬يبعث‭ ‬برسائله‭ ‬الكريمة‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬المحافل‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬مشاركًا‭ ‬إياها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة،‭ ‬أو‭ ‬موضحًا‭ ‬معها‭ ‬لحقيقة‭ ‬غائبة،‭ ‬أو‭ ‬مستبقًا‭ ‬بمحياه‭ ‬العزيز‭ ‬رؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬آن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتجلى،‭ ‬وحان‭ ‬ميعاد‭ ‬تألقها‭.‬

أخيرًا‭: ‬وحدة‭ ‬الوطن،‭ ‬تماسك‭ ‬أطيافه‭ ‬وفئاته،‭ ‬تمسك‭ ‬شعبه‭ ‬بنبذ‭ ‬الفرقة‭ ‬والانقسام،‭ ‬ودحر‭ ‬المؤامرات‭ ‬الدخيلة‭ ‬في‭ ‬مهدها،‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتسلل‭ ‬إلى‭ ‬نفوس‭ ‬وعقول‭ ‬شبابنا‭ ‬الطالع‭ ‬المطمئن‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬احتمالات‭ ‬لتفضيل‭ ‬أحدها‭ ‬على‭ ‬الآخر،‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬افتراضات‭ ‬نظرية‭ ‬لواقع‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬مفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الثبات‭ ‬على‭ ‬المبدأ،‭ ‬والوثوق‭ ‬بالمعتقد‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أدوار‭ ‬لعبها‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد،‭ ‬ومعالم‭ ‬حضارة‭ ‬رسمها‭ ‬سموه‭ ‬بقدرة‭ ‬فائقة‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬طريق‭ ‬النماء‭ ‬ممهدًا،‭ ‬وغايته‭ ‬التي‭ ‬تبررها‭ ‬جميع‭ ‬الوسائل‭ ‬النبيلة‭ ‬مجرد‭ ‬رسالة‭ ‬سامية‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يهمه‭ ‬الأمر،‭ ‬وخطى‭ ‬واضحة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يمضي‭ ‬على‭ ‬صراط‭ ‬مستقيم‭.‬

ننتظرك‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬على‭ ‬أحر‭ ‬من‭ ‬الجمر،‭ ‬وكلنا‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬الله،‭ ‬ورجاء‭ ‬في‭ ‬مقدرته‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬معافيًا‭ ‬إلى‭ ‬شعبك‭ ‬المحب؛‭ ‬لتصبح‭ ‬حياتنا‭ ‬أزهى‭ ‬وأبهى،‭ ‬وبلادنا‭ ‬أقدر‭ ‬وأعز‭.‬