اقتدوا بالرميحي

| بدور عدنان

الوقوف‭ ‬والتحدث‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬خصوصاً‭ ‬المرئية،‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬تتضاعف‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬للمتحدث‭ ‬منصب‭ ‬مسؤول‭ ‬ويمثل‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬فيها،‭ ‬فما‭ ‬يدلي‭ ‬فيه‭ ‬أمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬سياسات‭ ‬ورؤية‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬يقودها،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬اتزان‭ ‬الحديث‭ ‬وانتقاء‭ ‬المفردات‭ ‬اللبقة‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوفر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المسؤولين‭ ‬أو‭ ‬الأشخاص‭ ‬المخول‭ ‬لهم‭ ‬بالحديث‭ ‬أو‭ ‬تمثيل‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭. ‬

فمن‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يتقن‭ ‬مسؤول‭ ‬أو‭ ‬متحدث‭ ‬باسم‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬فن‭ ‬ولباقة‭ ‬الحديث‭ ‬والتصريحات‭ ‬بحيث‭ ‬يرمي‭ ‬الكلمات‭ ‬جزافاً‭ ‬دون‭ ‬تفكير‭ ‬بعاقبة‭ ‬ما‭ ‬تحدث‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬ومنجزات‭ ‬مؤسسته‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بهتكها‭ ‬بتصريح‭ ‬متهور‭ ‬أو‭ ‬كلمة‭ ‬اعتقد‭ ‬لحظتها‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الطرافة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬يتفوه‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬كاميرات‭ ‬التلفزيون‭ ‬أو‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭.‬

سنة‭ ‬2019‭ ‬كانت‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬حيث‭ ‬شهدنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬المساس‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بكرامة‭ ‬المواطنين‭ ‬والإسفاف‭ ‬بهم‭ ‬سواء‭ ‬بقصد‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬قصد،‭ ‬فالعديد‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬تمتم‭ ‬بكلمات‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بمنصبه‭ ‬ولا‭ ‬تليق‭ ‬بحق‭ ‬المواطنين‭ ‬والمسؤول‭ ‬عن‭ ‬خدماتهم‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المنصب‭ ‬الذي‭ ‬يتولاه‭ ‬وما‭ ‬قوبل‭ ‬بردود‭ ‬أفعال‭ ‬مستهجنة‭ ‬وبشدة‭ ‬لما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسؤولون‭.‬

قائد‭ ‬منتخبنا‭ ‬الوطني‭ ‬محمد‭ ‬الرميحي‭ ‬ضرب‭ ‬مثلاً‭ ‬يقتدى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬رزانة‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬التصريحات‭ ‬الإعلامية‭ ‬فحينما‭ ‬تم‭ ‬سؤاله‭ ‬عن‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬سجله‭ ‬والذي‭ ‬قاد‭ ‬منتخبنا‭ ‬الوطني‭ ‬للفوز‭ ‬بكأس‭ ‬الخليج‭ ‬رد‭ ‬بكل‭ ‬تواضع‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬سجل‭ ‬الهدف‭ ‬هي‭ ‬البحرين،‭ ‬لكن‭ ‬بأقدام‭ ‬محمد‭ ‬الرميحي،‭ ‬ناسباً‭ ‬الإنجاز‭ ‬لزملائه‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬ورب‭ ‬العالمين‭.‬

فعلاً،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرميحي‭ ‬رياضي‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المطلوب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متحدثا‭ ‬بارعا‭ ‬ومسؤولا‭ ‬مفوها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬امتلك‭ ‬حس‭ ‬المسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬وطنه‭ ‬وزملائه‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬فلم‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬عطائهم‭ ‬وأعطى‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬حق‭ ‬حقه،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الأنانية‭ ‬والاستهتار‭ ‬الذي‭ ‬يختزل‭ ‬فيه‭ ‬إنجاز‭ ‬وطن‭ ‬ومؤسسات‭ ‬في‭ ‬شخصه،‭ ‬بل‭ ‬حفظ‭ ‬منجزاتهم‭ ‬وزينها‭ ‬باختياره‭ ‬كلماته‭.‬

أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كلمات‭ ‬محمد‭ ‬الرميحي‭ ‬درسا‭ ‬لكل‭ ‬مسؤول‭ ‬أو‭ ‬متحدث‭ ‬إعلامي‭ ‬يتعلم‭ ‬منها‭ ‬كيفية‭ ‬انتقاء‭ ‬مفرداته‭ ‬فاحترامه‭ ‬المواطنين‭ ‬والمؤسسة‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يدين‭ ‬به‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭.‬