سوالف

أمضغ فاكهة التحدي لأضيف شيئا إلى العالم

| أسامة الماجد

الكتابة‭ ‬مأساة‭ ‬تصور‭ ‬قصة‭ ‬كفاح‭ ‬إنسان‭ ‬مع‭ ‬القدر،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬وتيرة‭ ‬واحدة،‭ ‬والإنسان‭ ‬ليس‭ ‬بطلا‭ ‬دائما‭ ‬وليس‭ ‬متخاذلا،‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬الكاتب‭ ‬إحباطات‭ ‬وهزائم‭ ‬وآمالا‭ ‬ضائعة،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬عواطف‭ ‬ومشاعر،‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬مبخرة‭ ‬تلون‭ ‬سماء‭ ‬الناس‭ ‬بالعطر،‭ ‬ويحلم‭ ‬بفرض‭ ‬وصايته‭ ‬على‭ ‬الكون‭ ‬أبد‭ ‬الدهر‭ ‬باختفاء‭ ‬الشرور‭ ‬والأحزان‭ ‬واليأس‭ ‬والكآبة‭.‬

والدنا‭ ‬الكاتب‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬الماجد‭ ‬أكثر‭ ‬الكتاب‭ ‬الحالمين‭ ‬بتغيير‭ ‬العالم‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬كبرياء‭ ‬الأحزان‭ ‬والشرور،‭ ‬فهو‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬مقابلاته‭ (‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬الحلم‭ ‬والوهم،‭ ‬فأنا‭ ‬عندما‭ ‬أحلم‭ ‬أسعى‭ ‬يوميا‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الحلم،‭ ‬أحلم‭ ‬بتغيير‭ ‬العالم،‭ ‬باختفاء‭ ‬الشرور‭ ‬والأحقاد،‭ ‬أحلم‭ ‬باليوم‭ ‬الذي‭ ‬أجد‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬بلا‭ ‬خيانات،‭ ‬أحلم‭ ‬باختفاء‭ ‬كلمة‭ ‬انتحر‭.. ‬طلق‭ ‬الحياة‭.. ‬لماذا؟‭ ‬أحلم‭ ‬باليوم‭ ‬الذي‭ ‬يتحول‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬إلى‭ ‬حقل‭ ‬أخضر،‭ ‬إلى‭ ‬بستان‭ ‬كله‭ ‬روعة‭ ‬وحب،‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفسي‭ ‬أشعر‭ ‬بأنه‭ ‬سيأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يتجانس‭ ‬فيه‭ ‬البشر‭ ‬وتختفي‭ ‬الشرور‭).‬

وللكاتب‭ ‬التركي‭ ‬الرائع‭ ‬عزيز‭ ‬نيسين‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ (‬نحن‭ ‬الكتاب‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬نحن‭ ‬المحامون‭ ‬عن‭ ‬المعذبين‭ ‬والبائسين‭ ‬والمظلومين‭ ‬والمحرومين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬ونحن‭ ‬حماتهم‭ ‬والمدافعون‭ ‬عنهم‭ ‬أيضا،‭ ‬إننا‭ ‬نقوم‭ ‬نحن‭ ‬معشر‭ ‬الكتاب‭ ‬بمهمات‭ ‬المهندسين‭ ‬المعماريين‭ ‬بنائي‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي،‭ ‬لم‭ ‬يكلفنا‭ ‬أحد‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة،‭ ‬إنما‭ ‬أخذناها‭ ‬نحن‭ ‬على‭ ‬عاتقنا،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬راح‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬المجهولين‭ ‬قتلا‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬مجهول‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فالمسؤولية‭ ‬تقع‭ ‬علينا،‭ ‬نحن‭ ‬الكتاب،‭ ‬وإذا‭ ‬مات‭ ‬الأطفال‭ ‬بسبب‭ ‬الجوع‭ ‬والأمراض‭ ‬والعوز‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬فمن‭ ‬تظنون‭ ‬المسؤول؟‭ ‬إنه‭ ‬نحن‭ ‬معشر‭ ‬الكتاب‭).‬

أما‭ ‬أنا‭ ‬فلن‭ ‬أقول‭ ‬شيئا،‭ ‬لأن‭ ‬الداء‭ ‬الذي‭ ‬يزحف‭ ‬بجسمي‭ ‬بسبب‭ ‬“الكتابة‭ ‬والقراءة”‭ ‬ويتسلل‭ ‬في‭ ‬دمي‭ ‬بصمت‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الوصف،‭ ‬وحلمي‭ ‬ترديد‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬والجمل‭ ‬وإعادتها،‭ ‬فيخيل‭ ‬للقارئ‭ ‬أنه‭ ‬يسمعها‭ ‬ويقرأها‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬حياته‭. ‬حلمي‭ ‬أن‭ ‬أمضغ‭ ‬فاكهة‭ ‬التحدي‭ ‬لأضيف‭ ‬شيئا‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭.‬