لقطة

مكالمة جلالة الملك.. وفلسفة “عراب المنتخب”!

| أحمد كريم

قبل‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬اجتاحت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬حالة‭ ‬عارمة‭ ‬من‭ ‬الحزن‭. ‬بكى‭ ‬الناس‭ ‬بحرقة‭ ‬وألم،‭ ‬وبدا‭ ‬أن‭ ‬ليلاً‭ ‬طويلاً‭ ‬سيخيّم‭ ‬على‭ ‬الكرة‭ ‬البحرينية‭!‬

صدمة‭ ‬كبيرة‭ ‬انهارت‭ ‬إثرها‭ ‬آمال‭ ‬التأهل‭ ‬لكأس‭ ‬العالم،‭ ‬وللمرة‭ ‬الثانية‭ ‬طائرة‭ ‬الأحلام‭ ‬المونديالية‭ ‬تهوي‭ ‬من‭ ‬عنان‭ ‬الفرح‭ ‬إلى‭ ‬أخمص‭ ‬طبقات‭ ‬الإحباط‭.‬

خسر‭ ‬الأحمر‭ ‬أمام‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬2010‭ ‬بذات‭ ‬التراجيديا‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬تصفيات‭ ‬مونديال‭ ‬ألمانيا‭ ‬2006‭. ‬ضربتان‭ ‬في‭ ‬الرأس‭ ‬توجعان‭!‬

الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬حزن‭ ‬الشارع‭ ‬وخيبة‭ ‬أمل‭ ‬الجماهير‭ ‬في‭ ‬عناوينها‭ ‬العريضة‭. ‬وكنت‭ ‬شخصيًّا‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬أصب‭ ‬جام‭ ‬غضبي‭ ‬بعنوان‭ ‬قاس،‭ ‬لكنني‭ ‬تراجعت‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعد‭ ‬استفاقتي‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الخسارة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭.‬

فلسفة‭ ‬الحياة‭ ‬موجزة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرياضة‭ ‬المشوقة،‭ ‬وما‭ ‬التحديات‭ ‬الكبرى‭ ‬إلا‭ ‬مخاض‭ ‬ولادة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الهزائم‭ ‬الكبرى‭ ‬انقباض‭ ‬الروح،‭ ‬وبين‭ ‬الأمل‭ ‬والألم‭ ‬أحرف‭ ‬متشابهة‭ ‬لكن‭ ‬الفارق‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬المعنى‭ ‬شاسع‭!‬

أتذكّر‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬لأنها‭ ‬تخلّد‭ ‬لحظة‭ ‬ألم‭ ‬حوّلها‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬أمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬أجراها‭ ‬مع‭ ‬لاعبي‭ ‬المنتخب‭ ‬آنذاك؛‭ ‬ليواسيهم‭ ‬ويثني‭ ‬عليهم‭. ‬ولم‭ ‬يكتف‭ ‬جلالته‭ ‬بذلك‭ ‬وإنما‭ ‬كلّف‭ ‬نجله‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الكروي‭ ‬البحريني‭ ‬برمته‭.‬

مرّت‭ ‬السنوات‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬حتى‭ ‬ظننا‭ ‬أن‭ ‬حظوظنا‭ ‬تلاشت‭ ‬في‭ ‬الساحرة‭ ‬المستديرة؛‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الشاب‭ ‬الصاعد‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬بوادر‭ ‬نجومية‭ ‬شبيهة‭ ‬بأسلافه‭. ‬ولكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬كانت‭ ‬مدويّة‭!‬

والآن‭ ‬انظروا‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭. ‬لقد‭ ‬أصبح‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬“عراب‭ ‬المنتخب”‭ ‬والداعم‭ ‬الأول‭ ‬لأبطاله‭ ‬الشجعان،‭ ‬الذين‭ ‬أشعلوا‭ ‬أضواء‭ ‬الفرح‭ ‬بالفوز‭ ‬التاريخي‭ ‬بكأس‭ ‬الخليج‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬احتفالاتنا‭ ‬بالأعياد‭ ‬الوطنية‭. ‬

كانوا‭ ‬يعلموننا‭ ‬في‭ ‬الابتدائية‭ ‬جملة‭ ‬شهيرة‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬“مع‭ ‬حمد‭ ‬قلم”‭ ‬وبعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬اكتشفنا‭ ‬أن‭ ‬“مع‭ ‬حمد‭ ‬أمل”‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأجمل‭ ‬آتٍ‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نعشها‭ ‬بعد‭. ‬

فشكرًا‭ ‬إلى‭ ‬الرياضي‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬وشكرًا‭ ‬إلى‭ ‬نجله‭ ‬الملهم‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬الذي‭ ‬نثر‭ ‬السعادة‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬الوطن‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬والده‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬عندما‭ ‬دشّن‭ ‬حكمه‭ ‬الزاهر‭ ‬بميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭!‬