فجر جديد

البحرين و“الشعب النبيل”

| إبراهيم النهام

في‭ ‬استضافة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬لي‭ ‬بإحدى‭ ‬القنوات‭ ‬المصرية‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬قلتُ‭ ‬للمذيع‭ ‬وبالحرف‭ ‬“البحرين‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬صغر‭ ‬مساحتها،‭ ‬ومحدودية‭ ‬ثرواتها،‭ ‬وعدد‭ ‬سكانها،‭ ‬كانت‭ ‬وستظل‭ ‬محطة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬إفشال‭ ‬مخطط‭ (‬الخراب‭ ‬العربي‭) ‬بها،‭ ‬كمشروع‭ ‬تآمري‭ ‬مؤثم،‭ ‬لتحويل‭ ‬الدول‭ ‬الوطنية‭ ‬الى‭ ‬طوائف،‭ ‬والجيوش‭ ‬الى‭ ‬مليشيات‭ ‬مسلحة،‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوة”‭.‬

قلت‭ ‬أيضاً‭ ‬إن‭ ‬البحرين‭ ‬قدمت‭ ‬دروساً‭ ‬مستفادة‭ ‬في‭ ‬الولاء‭ ‬للأرض،‭ ‬وفي‭ ‬الانتماء‭ ‬العربي،‭ ‬وفي‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬البيت‭ ‬العربي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬المصيرية‭ ‬والوجودية،‭ ‬أولها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والتي‭ ‬ستظل‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬الأولى‭ ‬حتى‭ ‬حلها،‭ ‬أو‭ ‬لأبد‭ ‬الآبدين‭.‬

استذكرت‭ ‬هذه‭ ‬المداخلة‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬تحديداً،‭ ‬وأنا‭ ‬أقود‭ ‬سيارتي‭ ‬على‭ ‬شارع‭ ‬الصخير،‭ ‬والجو‭ ‬ماطر‭ ‬وعلى‭ ‬درجة‭ ‬لذيذة‭ ‬من‭ ‬البرودة،‭ ‬متطلعاً‭ ‬بإعجاب‭ ‬للسيارات‭ ‬العابرة‭ ‬بجواري،‭ ‬والأغاني‭ ‬الوطنية‭ ‬تتسلل‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬وأعلام‭ ‬البحرين‭ ‬ترفرف‭ ‬من‭ ‬نوافذها‭ ‬وأسطحها‭.‬

عجيب‭ ‬أمره‭ ‬هذا‭ ‬الشعب،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬قصة‭ ‬إنسانية‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬فولاؤه‭ ‬للقيادة‭ ‬وللأرض‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للنقاش،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬الأولويات،‭ ‬وبأنه‭ ‬مهما‭ ‬تكالبت‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمعيشية‭ ‬وجثمت‭ ‬عليه،‭ ‬يظل‭ ‬الوطن‭ ‬خطا‭ ‬أحمر،‭ ‬لا‭ ‬يُقرب،‭ ‬ولا‭ ‬يُمس،‭ ‬ولا‭ ‬يفاصل‭ ‬به‭.‬

البحرين‭ ‬بقيادتها،‭ ‬وبشعبها‭ ‬الوفي،‭ ‬معادلة‭ ‬صعبة‭ ‬ومعقدة‭ ‬على‭ ‬ايران،‭ ‬وعلى‭ ‬عملائها،‭ ‬وعلى‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬خلفها،‭ ‬ويمولها،‭ ‬ويقدم‭ ‬لها‭ ‬الغطاء‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الأممية،‭ ‬لأنها‭ -‬وأعني‭ ‬البحرين‭- ‬بلد‭ ‬شديد‭ ‬التشابك‭ ‬في‭ ‬العادات‭ ‬والقيم‭ ‬وروح‭ ‬الانتماء‭ ‬والمحبة‭ ‬للأرض،‭ ‬وأي‭ ‬أرض‭ ‬وأي‭ ‬جمال؟

وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬لأي‭ ‬مواطن‭ ‬بحريني‭ ‬يشد‭ ‬رحاله‭ ‬بإجازة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الخضراء‭ ‬البعيدة،‭ ‬ليشتاق‭ ‬بعدها‭ ‬بأيام‭ ‬قليلة‭ ‬لهذا‭ ‬البلد‭ ‬الصغير‭ ‬والمكتظ‭ ‬بالبشر،‭ ‬ويتمنى‭ ‬العودة‭ ‬إليها،‭ ‬فإننا‭ ‬نظل‭ ‬بدورنا‭ ‬موالون‭ ‬لها،‭ ‬ومحبون‭ ‬لترابها،‭ ‬نمرغ‭ ‬أبنائنا‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬الأولى‭ ‬لأن‭ ‬يقدموا‭ ‬كل‭ ‬غالٍ‭ ‬ونفيس،‭ ‬فداء‭ ‬وتضحية‭ ‬وولاء‭ ‬لها‭ ‬ولقيادتها‭.‬