لمحات

المواطنة الحقة

| د.علي الصايغ

أكثر‭ ‬ما‭ ‬يشغلنا‭ ‬كبحرينيين‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬عشق‭ ‬تراب‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جملة‭ ‬مساعينا‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬رافعين‭ ‬راية‭ ‬الوطن‭ ‬عالياً،‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬مجاله،‭ ‬وهذا‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬غبار‭ ‬عليه‭ ‬أبداً،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن؛‭ ‬وهو‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يعبر‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬فرد،‭ ‬ليثبت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬مساعيه‭ ‬لنهضة‭ ‬الوطن‭ ‬ونمائه،‭ ‬وبرأيي‭ ‬فإن‭ ‬الكيفية‭ ‬قد‭ ‬تحدد‭ ‬في‭ ‬أحايين‭ ‬كثيرة‭ ‬مدى‭ ‬عمق‭ ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬ودلالاتها‭ ‬الإيجابية،‭ ‬بل‭ ‬ومردوداتها‭ ‬الحقيقية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القوة‭ ‬والنسبة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر؛‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬واجبة،‭ ‬يأتي‭ ‬مردودها‭ ‬الإيجابي‭ ‬علينا‭ ‬جميعاً،‭ ‬نحن‭ ‬وإخوتنا‭ ‬وأبناؤنا‭ ‬وأصدقاؤنا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬المجتمع‭ ‬كافة،‭ ‬وتتجسد‭ ‬المواطنة‭ ‬الحقة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬المطلق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الممتلكات،‭ ‬أما‭ ‬أن‭ ‬يعبث‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬نظافة‭ ‬ونضارة‭ ‬الممتلكات‭ ‬والأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬ويأتي‭ ‬آخرون‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الغيرة‭ ‬والولاء‭ ‬على‭ ‬وطنهم‭ ‬يصلحون‭ ‬ما‭ ‬أفسدته‭ ‬تلك‭ ‬القلة‭ ‬النادرة،‭ ‬فهذه‭ ‬ليست‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬ينشدها‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬أبنائه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تنظيف‭ ‬السواحل‭ ‬ومدرجات‭ ‬الملاعب‭ ‬الرياضية‭ ‬ليس‭ ‬ما‭ ‬ينشده‭ ‬الوطن‭ ‬منا‭ ‬كذلك،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬نبقي‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن‭ ‬جميلة‭ ‬بمحياها‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬دون‭ ‬تعكير،‭ ‬فهي‭ ‬المواطنة‭ ‬الحقة‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نؤسس‭ ‬ونؤكد‭ ‬على‭ ‬اتسامنا‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لسطوة‭ ‬القانون‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬أفراد‭ ‬ينتهجون‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬السامي‭ ‬ويدركونه‭ ‬ويقتنعون‭ ‬به،‭ ‬بل‭ ‬الوازع‭ ‬الوطني‭ ‬الدافع‭ ‬الحقيقي؛‭ ‬لأنهم‭ ‬يدركون‭ ‬ويؤمنون‭ ‬بالالتزام‭ ‬بالسمات‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬هويتنا‭ ‬كبحرينيين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنين،‭ ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير،‭ ‬ومنها‭ ‬الأمانة‭ ‬في‭ ‬تأدية‭ ‬الأعمال،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬والإداري،‭ ‬وطغيان‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬أو‭ ‬أهله،‭ ‬أو‭ ‬جماعته،‭ ‬أو‭ ‬منطقته،‭ ‬وبالمحصلة‭ ‬وطنه،‭ ‬فكل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬بالكيفية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬كلياً‭ ‬على‭ ‬تصحيح‭ ‬أخطاء‭ ‬الآخرين،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬بالفعل‭ ‬والوضوح‭ ‬التام‭ ‬الحب‭ ‬والانتماء‭ ‬والبر‭ ‬بهذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬وأي‭ ‬شيء‭ ‬يطبق‭ ‬أو‭ ‬ينفذ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬يكون‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭ ‬لصالح‭ ‬الوطن‭ ‬وأبنائه‭ ‬كافة‭.‬