مئوية التعليم

| سالم الشوبكي

لا‭ ‬يكون‭ ‬تشييد‭ ‬الأوطان‭ ‬إلا‭ ‬ببناء‭ ‬الإنسان‭ ‬المستنير‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬الاشتباك‭ ‬الإيجابي‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات،‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬لإحداث‭ ‬التطور‭ ‬المطلوب‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬أمّا‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬فهو‭ ‬التعليم؛‭ ‬سلاح‭ ‬الأمم‭ ‬الفعّال‭ ‬وأداتها‭ ‬المثلى‭ ‬للنهوض‭ ‬والتقدّم‭ ‬والازدهار‭ ‬والنماء،‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬جاء‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتعليم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مبكرا،‭ ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬بانطلاق‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬عام‭ ‬1919‭. ‬

ما‭ ‬بين‭ ‬“مدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية”‭- ‬أيقونة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬–‭ ‬و”مدرسة‭ ‬سمو‭ ‬الشيخة‭ ‬موزة‭ ‬بنت‭ ‬حمد‭ ‬الشاملة‭ ‬للبنات”‭ - ‬الأحدث‭ ‬والأكبر‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬السعة‭ ‬والتكلفة‭ ‬والمرافق‭ - ‬مسيرة‭ ‬100‭ ‬عام‭ ‬زاهرة‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬مسيرة‭ ‬زاخرة‭ ‬بالإنجازات‭ ‬كمّا‭ ‬ونوعا؛‭ ‬حتى‭ ‬أضحت‭ ‬المملكة‭ ‬تتبوأ‭ ‬مكانة‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬وفقا‭ ‬لتقارير‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المتخصصة‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬الوطنية‭ ‬المهمة‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬مرور‭ ‬100‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬نوجه‭ ‬تحية‭ ‬إجلال‭ ‬وتقدير‭ ‬وعرفان‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حمل‭ ‬ويحمل‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬السامية‭ ‬من‭ ‬معلمين‭ ‬وتربويين‭ ‬وإداريين،‭ ‬وإلى‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬ومسؤوليها‭ ‬الحاليين‭ ‬والسابقين‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلت،‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالتعليم‭ ‬وتجويده،‭ ‬وجاء‭ ‬التوجيه‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬بتوثيق‭ ‬شامل‭ ‬لمسيرة‭ ‬التعليم‭ ‬الوطنية‭ ‬تخليداً‭ ‬لذكراها‭ ‬المئوية‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬مواصلة‭ ‬المسيرة‭ ‬بنجاح‭ ‬ونحن‭ ‬نطرق‭ ‬أبواب‭ ‬المئوية‭ ‬الثانية‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬إجراء‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬لما‭ ‬تم‭ ‬إنجازه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬السابقة‭ ‬والمأمول‭ ‬تحقيقه‭ ‬مستقبلا‭ ‬خدمة‭ ‬للعملية‭ ‬التعليمية‭ ‬ولمسارات‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬مراجعة‭ ‬تشترك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وممثلين‭ ‬عن‭ ‬الأهالي‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المحافظات‭ - ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬جامع،‭ ‬لوضع‭ ‬الأهداف‭ ‬وسبل‭ ‬تحقيقها،‭ ‬إضافة‭ ‬لتحديد‭ ‬طبيعة‭ ‬التحديات‭ ‬وكيفية‭ ‬تجاوز‭ ‬العقبات،‭ ‬وفق‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم،‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬محددة‭ ‬بفترات‭ ‬زمنية،‭ ‬قابلة‭ ‬للقياس‭ ‬والتقييم‭ ‬والتقويم،‭ ‬مستندين‭ ‬إلى‭ ‬خبرة‭ ‬متراكمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ضمان‭ ‬التعاطي‭ ‬بمرونة‭ ‬مع‭ ‬متغيرات‭ ‬العصر‭ ‬ومجاراة‭ ‬تحولاته‭ ‬المتسارعة،‭ ‬والحديث‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬عن‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭ ‬المدرسي‭ ‬ومتطلباته‭ ‬فقط؛‭ ‬بل‭ ‬يتعداه‭ ‬إلى‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ (‬مساقاته‭ ‬ومخرجاته‭). ‬

وختاما‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والشركات‭ ‬والمصانع‭ ‬الكبرى‭ ‬مسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬تنمية‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تعرف‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬المجتمعية،‭ ‬توجِب‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬السبل‭ ‬والأدوات‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬دعمها‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬استدامتها‭.‬