ستة على ستة

العراقيون ومعركة الإصلاح

| عطا السيد الشعراوي

في‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬للمتظاهرين‭ ‬وصفعة‭ ‬أقوى‭ ‬لإيران‭ ‬وأتباعها‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ندد‭ ‬أكبر‭ ‬مرجعية‭ ‬دينية‭ ‬لشيعة‭ ‬العراق‭ ‬علي‭ ‬السيستاني‭ ‬بظاهرة‭ ‬قتل‭ ‬وخطف‭ ‬المحتجين،‭ ‬مطالبًا‭ ‬الدولة‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تمتع‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬بالمهنية،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬موالية‭ ‬للدولة‭ ‬وليس‭ ‬لأي‭ ‬نفوذ‭ ‬أجنبي،‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬المتظاهرين‭ ‬إلى‭ ‬اتباع‭ ‬الأساليب‭ ‬السلمية‭ ‬كونها‭ ‬الشرط‭ ‬الأساس‭ ‬للانتصار‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬مصيرية‭ ‬وهي‭ ‬معركة‭ ‬الإصلاح‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬حقبة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الفساد،‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬ثقته‭ ‬بأن‭ ‬العراقيين‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬خوض‭ ‬معركة‭ ‬الإصلاح‭.‬

هي‭ ‬كلمات‭ ‬مهمة‭ ‬ومنتقاة‭ ‬بعناية‭ ‬وتحمل‭ ‬رسائل‭ ‬لجهات‭ ‬عدة‭ ‬أولها‭ ‬وأهمها‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬نفسها،‭ ‬بأن‭ ‬عليها‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أبنائها‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬وحمايتهم‭ ‬ممن‭ ‬يحملون‭ ‬السلاح‭ ‬ويستهترون‭ ‬بحياتهم‭ ‬وأرواحهم‭ ‬ويصوبون‭ ‬الأسلحة‭ ‬تجاه‭ ‬صدورهم‭ ‬دون‭ ‬شفقة‭ ‬أو‭ ‬رحمة‭ ‬ودون‭ ‬رادع‭ ‬من‭ ‬قانون،‭ ‬كما‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬السلاح‭ ‬حاميًا‭ ‬للشعب‭ ‬وليس‭ ‬ضده‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬يدركون‭ ‬معنى‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬والفرق‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الميلشيات‭ ‬والعصابات‭ ‬والبلطجية‭.‬

السيستاني‭ ‬وضع‭ ‬أيضًا‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬بألا‭ ‬تتهرب‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬المليء‭ ‬بالفساد،‭ ‬وأن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬علاجه‭ ‬علاجًا‭ ‬جذريا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترسخ‭ ‬بممارسات‭ ‬امتدت‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وسط‭ ‬صبر‭ ‬شعبي‭ ‬وأمل‭ ‬في‭ ‬انتهائه‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬ظل‭ ‬يتمدد‭ ‬ودفع‭ ‬الشعب‭ ‬دفعًا‭ ‬للثورة‭ ‬والانتفاضة‭ ‬ضده‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬التهم‭ ‬مقومات‭ ‬حياته‭ ‬وقوت‭ ‬يومه‭.‬

كما‭ ‬تحمل‭ ‬رسالة‭ ‬لمن‭ ‬يحملون‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬حاليًا‭ ‬وهم‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬بأن‭ ‬يتخلو‭ ‬عن‭ ‬ولائهم‭ ‬لإيران‭ ‬وألا‭ ‬يعملوا‭ ‬إلا‭ ‬لصالح‭ ‬الشعب‭ ‬وتأمين‭ ‬مصالحه‭ ‬لا‭ ‬قتله‭ ‬وتخويفه،‭ ‬وإلا‭ ‬فعلى‭ ‬سلطات‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تنزع‭ ‬منهم‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬يستقوون‭ ‬به‭ ‬وينفذون‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أجندة‭ ‬إيرانية‭ ‬مفروضة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬وتهدر‭ ‬مقدراته‭ ‬وتقوض‭ ‬مقومات‭ ‬دولته‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬كيفية‭ ‬بناء‭ ‬الجيش‭ ‬ومواصفاته‭ ‬معروفة‭ ‬لجميع‭ ‬الدول،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السيستاني‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يذكر‭ ‬الدولة‭ ‬والحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬بها،‭ ‬فأوضح‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬الجيش‭ - ‬وسائر‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬العراقية‭ - ‬يكون‭ ‬وفق‭ ‬أسس‭ ‬مهنية‭ ‬رصينة،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬ولاؤه‭ ‬للوطن‭ ‬وينهض‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنه‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬خارجي،‭ ‬ويحمي‭ ‬نظامه‭ ‬السياسي‭ ‬المنبعث‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬وفق‭ ‬الأطر‭ ‬الدستورية‭ ‬والقانونية‭.‬