ما وراء الحقيقة

الشعوبيون الجدد... قصة قطر (7)

| د. طارق آل شيخان الشمري

عندما‭ ‬أعلنت‭ ‬قطر‭ ‬أنها‭ ‬سترد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬شارك‭ ‬بمحاولة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬ثاني‭ ‬استرداد‭ ‬حكمه‭ ‬من‭ ‬ابنه‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بداية‭ ‬إعلان‭ ‬حرب‭ ‬نظام‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬مع‭ ‬رفيق‭ ‬دربه‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬جاسم،‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬ومصر‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬والتي‭ ‬حركت‭ ‬فيها‭ ‬الدوحة‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬للهجوم‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬الأردن‭ ‬وليبيا‭ ‬والمغرب‭ ‬وتونس،‭ ‬واستخدمت‭ ‬القوى‭ ‬الناعمة‭ ‬واستخدمت‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬لتحقيق‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬التي‭ ‬بدأها‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬البعض‭ ‬نظام‭ ‬الحمدين‭ ‬لتحقيق‭ ‬شعار‭ ‬“قطر‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا”‭.‬

وقد‭ ‬بدأت‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬باستهداف‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬البحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬بالذات،‭ ‬وامتدت‭ ‬لاحقا‭ ‬لتشمل‭ ‬مصر،‭ ‬والتي‭ ‬ساندت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بالتصدي‭ ‬لانقلاب‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬على‭ ‬والده‭ ‬ورفضت‭ ‬حركته‭ ‬التصحيحية‭ ‬كما‭ ‬تسميها‭ ‬الدوحة،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬أولى‭ ‬المناوشات‭ ‬القطرية‭ ‬لمصر،‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬مؤتمر‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬عندها‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬الإعلامية‭ ‬والصحافية،‭ ‬ودخلت‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬على‭ ‬الخط،‭ ‬وقامت‭ ‬بالهجوم‭ ‬على‭ ‬القاهرة‭ ‬ونظام‭ ‬الرئيس‭ ‬حسني‭ ‬مبارك،‭ ‬وعمدت‭ ‬على‭ ‬تشويه‭ ‬سياسة‭ ‬مصر‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬وعمدت‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬تحريض‭ ‬المصريين‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي،‭ ‬وسوقت‭ ‬رموز‭ ‬الإخوان‭ ‬كحماة‭ ‬للشعب‭ ‬المصري‭.‬

وقد‭ ‬تدخلت‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منها‭ ‬للمصالحة‭ ‬بين‭ ‬الدوحة‭ ‬والقاهرة،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الملك‭ ‬فهد،‭ ‬وتم‭ ‬عقد‭ ‬لقاء‭ ‬بين‭ ‬زعماء‭ ‬الطرفين،‭ ‬وفسرت‭ ‬الدوحة‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬انتصار‭ ‬للسياسة‭ ‬القطرية،‭ ‬كون‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬تعقد‭ ‬مصالحة‭ ‬مع‭ ‬قطر،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬السعودية‭ ‬تهدئة‭ ‬الأمور‭ ‬وتفويت‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬قطر‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تستمر‭ ‬بسياستها‭ ‬المشاكسة،‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬البعض‭.‬

لكن‭ ‬قادة‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬اعتبروا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المصالحة‭ ‬نصر‭ ‬كبير‭ ‬لهم،‭ ‬ما‭ ‬شجعهم‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬سياستهم‭ ‬ضد‭ ‬مصر،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬إسقاط‭ ‬كل‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬صنفتها‭ ‬الدوحة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬معادية‭ ‬لشعار‭ ‬“قطر‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا”،‭ ‬واستمرت‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬بالهجوم‭ ‬على‭ ‬مصر،‭ ‬وسخرت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تقويض‭ ‬أمن‭ ‬النظام‭ ‬المصري،‭ ‬فبثت‭ ‬التقارير‭ ‬والأخبار‭ ‬واللقاءات‭ ‬والمواد‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬هدفها‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬نظام‭ ‬الرئيس‭ ‬مبارك،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬أو‭ ‬الخارجي،‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬الفرصة‭ ‬الذهبية‭ ‬لسياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬ومكنت‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬مصر‭ ‬بواسطة‭ ‬الإخوان،‭ ‬وللحديث‭ ‬بقية‭ ‬تكمل‭ ‬ما‭ ‬أسلفناه‭.‬