مكافحة الفكر الضال (5- 5)

| عادل عيسى المرزوق

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬ونحن‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬خلاصة‭ ‬القول‭ ‬عندما‭ ‬يقترب‭ ‬فكر‭ ‬ضال‭ ‬من‭ ‬مجتمع،‭ ‬كيف‭ ‬نكافحه؟‭ ‬وكيف‭ ‬نتصوّر‭ ‬أن‭ ‬فكرًا‭ ‬غريبًا‭ ‬فذ‭ ‬تشبث‭ ‬بتلابيب‭ ‬فئة‭ ‬أو‭ ‬جماعة،‭ ‬أو‭ ‬تغلغل‭ ‬داخل‭ ‬مناسك‭ ‬طيف‭ ‬أو‭ ‬منطقة‭ ‬أو‭ ‬شعب،‭ ‬أو‭ ‬تداخل‭ ‬مع‭ ‬أفكار‭ ‬وعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬مواطنين‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التفتح‭ ‬والقبول‭ ‬بالآخر؟

كيف‭ ‬يمكننا‭ ‬المكافحة‭ ‬والشفافية‭ ‬في‭ ‬ترقب‭ ‬الفئة‭ ‬التي‭ ‬تضل،‭ ‬والإتقان‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬الجماعة‭ ‬التي‭ ‬تتلبس‭ ‬فكرًا‭ ‬منحرفًا،‭ ‬والتجريب‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬قايضت‭ ‬الضلالة‭ ‬بالهدى،‭ ‬والإنكار‭ ‬بالتصريح،‭ ‬والانحراف‭ ‬بالنزول‭ ‬إلى‭ ‬كلمة‭ ‬سواء؟

‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬هناك‭ ‬أساليب‭ ‬لا‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الخلاف‭ ‬في‭ ‬العلن،‭ ‬أو‭ ‬رفع‭ ‬الرايات‭ ‬السوداء‭ ‬إيذانًا‭ ‬بصعوبة‭ ‬الإبحار‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬غير‭ ‬المواتية،‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬كبداية‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:‬

أولًا‭: ‬التعليم

1‭ - ‬منظومة‭ ‬التعليم،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬المناهج‭ ‬تحض‭ ‬مثلًا‭ ‬على‭ ‬الكراهية،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تنشر‭ ‬روح‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬والألفة‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭.‬

2‭ - ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بالشكل‭ ‬والطريقة‭ ‬والحاجة‭ ‬التي‭ ‬تتلبس‭ ‬مجتمعًا‭ ‬من‭ ‬المجتمعات،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬منغلقة‭ ‬على‭ ‬طلبتها،‭ ‬منكفئة‭ ‬على‭ ‬مناهجها،‭ ‬متوارية‭ ‬خلف‭ ‬الظلال؟

3‭ - ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مناهج‭ ‬الجامعات‭ ‬مستعدة‭ ‬وفقًا‭ ‬لنظامها‭ ‬الخاص‭ ‬وقانون‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬مثلًا‭ ‬لتدريس‭ ‬مواد‭ ‬تُحذّر‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬المنحرف‭ ‬والغريب،‭ ‬وأن‭ ‬ترسخ‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭ ‬الأصيلة،‭ ‬وثوابته‭ ‬وأواصره‭ ‬النبيلة‭.‬

4‭ - ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الجامعات‭ ‬بمثابة‭ ‬حقول‭ ‬خصبة‭ ‬لإنبات‭ ‬الفكر‭ ‬المعتدل‭ ‬والسلوك‭ ‬القويم،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تُغني‭ ‬على‭ ‬ليلاها‭ ‬في‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بتدريس‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭ ‬بتجردها‭ ‬المنفصل‭ ‬عن‭ ‬احتياجات‭ ‬المجتمع‭ ‬والوطن‭ ‬والناس‭.‬

ثانيًا‭: ‬الإعلام

1‭ - ‬إن‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬مازال‭ ‬متشكّلًا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الربح‭ ‬والخسارة‭ ‬تجاريًّا،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الربح‭ ‬والخسارة‭ ‬فكريًّا‭ ‬وعقائديًّا‭ ‬ووطنيًّا‭.‬

2‭ - ‬إن‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬أقسامها‭ ‬التحريرية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬سباقة‭ ‬ومقالات‭ ‬ترسخ‭ ‬مفاهيم‭ ‬المواطنة‭ ‬الحقة،‭ ‬وتؤكد‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬الوطن‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬والتاريخية،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬يقف‭ ‬خلف‭ ‬الأداء‭ ‬المشرف‭ ‬أحيانًا‭ ‬والمتردد‭ ‬أو‭ ‬المشغول‭ ‬أحيانًا‭ ‬أخرى‭ ‬لكن‭ ‬مواجهة‭ ‬الأفكار‭ ‬المتطرفة‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬تخضع‭ ‬لمنهج،‭ ‬بتأصيل،‭ ‬لأسلوب‭ ‬أداء،‭ ‬ولوجود‭ ‬متغلغل‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المقالات‭ ‬أو‭ ‬التحقيقات‭ ‬الصحفية‭ ‬أو‭ ‬التغطيات‭ ‬لمؤتمرات‭ ‬يُشار‭ ‬إليها‭ ‬بالتألق‭ ‬داخل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

3‭ - ‬أن‭ ‬تتفق‭ ‬الصحف‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬التفاهم‭ ‬حول‭ ‬وضع‭ ‬تعريف‭ ‬محدد‭ ‬أو‭ ‬صيغة‭ ‬قاطعة‭ ‬للفكر‭ ‬المتطرف،‭ ‬ولمكافحته،‭ ‬وللنيل‭ ‬منه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتفشى‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬بل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصوب‭ ‬طريقه‭ ‬ويُعيد‭ ‬مجراه‭ ‬الأصلي‭ ‬متجهًا‭ ‬نحو‭ ‬أهداف‭ ‬أخرى،‭ ‬وأجيال‭ ‬أخرى‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬ينل‭ ‬وعيها‭ ‬الجمعي‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يناله،‭ ‬هنا‭ ‬قد‭ ‬يضطر‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬المواجهة‭ ‬بآليات‭ ‬أكثر‭ ‬شراسة،‭ ‬وبفكر‭ ‬لا‭ ‬نرغب‭ ‬بتاتًا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يسود‭.‬