ستة على ستة

إزالة “الخميني” بأمر الشعب

| عطا السيد الشعراوي

كان‭ ‬قيام‭ ‬بعض‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بإضرام‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬النجف‭ ‬بالعراق‭ ‬كاشفًا‭ ‬عن‭ ‬وجوه‭ ‬قبيحة‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬مداراة‭ ‬انحيازها‭ ‬وولائها‭ ‬لإيران‭ ‬وتبعيتها‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬شعبي‭ ‬للهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬وسخط‭ ‬واسع‭ ‬لإدارتها‭ ‬البلاد‭ ‬سواء‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬وكلاء‭ ‬تابعين‭ ‬لها‭.‬

انتفضت‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬فقامت‭ ‬بفرض‭ ‬حظر‭ ‬التجوال‭ ‬وإغلاق‭ ‬جميع‭ ‬مداخل‭ ‬ومخارج‭ ‬مدينة‭ ‬النجف،‭ ‬وعزلها‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬مناطق‭ ‬البلاد،‭ ‬وكانت‭ ‬قد‭ ‬أصدرت‭ ‬بيانًا‭ ‬واضحًا‭ ‬يدين‭ ‬اعتداء‭ ‬المتظاهرين‭ ‬على‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬ويؤكد‭ ‬الالتزام‭ ‬بحرمة‭ ‬البعثات‭ ‬الدبلوماسيّة‭ ‬التي‭ ‬كفلتها‭ ‬اتفاقية‭ ‬فيينا‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وأنها‭ ‬اتخذت‭ ‬جميع‭ ‬الإجراءات‭ ‬لمنع‭ ‬أي‭ ‬إخلال‭ ‬بأمن‭ ‬البعثات،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬مقبول‭ ‬ومطلوب،‭ ‬لكن‭ ‬التساؤل‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬أظهرت‭ ‬نفس‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬المتظاهرين‭ ‬واتخذت‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك‭ ‬وتعاملت‭ ‬معهم‭ ‬بالفعل‭ ‬وفق‭ ‬القوانين‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تركت‭ ‬المجال‭ ‬للبطش‭ ‬والتنكيل‭ ‬بالمتظاهرين،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬وفاة‭ ‬نحو‭ ‬350‭ ‬شخصا‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬وإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬ألفا‭.‬

أما‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬فقد‭ ‬اتخذت‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬ذريعة‭ ‬لممارسة‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬المفرط‭ ‬ضد‭ ‬المتظاهرين‭ ‬والتهديد‭ ‬“بقطع‭ ‬اليد”‭ ‬التي‭ ‬تمتد‭ ‬للمرجعيات‭ ‬والعتبات،‭ ‬في‭ ‬حيلة‭ ‬منها‭ ‬لتحويل‭ ‬الأنظار‭ ‬عن‭ ‬الدلالة‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬كونه‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬الرفض‭ ‬الشعبي‭ ‬لإيران‭ ‬والتسويق‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬يستهدف‭ ‬العتبات‭ ‬المقدسة‭ ‬وعلي‭ ‬السيستاني‭ ‬أعلى‭ ‬مرجعية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وهو‭ ‬نفسه‭ ‬أعلن‭ ‬تأييده‭ ‬المظاهرات‭ ‬الشعبية‭ ‬وحث‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاحات‭ ‬حقيقية‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬المتظاهرين‭.‬

الدلالة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬هو‭ ‬الرفض‭ ‬الشعبي‭ ‬العراقي‭ ‬لإيران،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬متظاهرون‭ ‬قد‭ ‬قاموا‭ ‬بتغيير‭ ‬اسم‭ ‬شارع‭ ‬“الإمام‭ ‬الخميني”‭ ‬وسط‭ ‬مدينة‭ ‬النجف‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬“شهداء‭ ‬ثورة‭ ‬تشرين”،‭ ‬معلقين‭ ‬لافتات‭ ‬كتب‭ ‬عليها‭: ‬“بأمر‭ ‬الشعب‭.. ‬شارع‭ ‬شهداء‭ ‬ثورة‭ ‬تشرين”،‭ ‬فقد‭ ‬اتضح‭ ‬للشعب‭ ‬العراقي‭ ‬بسنته‭ ‬وشيعته‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬ليست‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬العراقي‭ ‬ومقدرات‭ ‬الدولة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬مصدر‭ ‬العنف‭ ‬الممارس‭ ‬ضدهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سلطات‭ ‬بلدهم‭ ‬والميليشيات‭ ‬المتواجدة‭ ‬فيها‭ ‬بأوامر‭ ‬ودعم‭ ‬إيراني،‭ ‬وقد‭ ‬حان‭ ‬وقت‭ ‬الخلاص‭ ‬منها‭.‬