ريشة في الهواء

عشوائية‭ ‬الأذان‭ ‬ومكبرات‭ ‬الصوت‭!‬

| أحمد جمعة

البحرين‭ ‬سباقة‭ ‬بالمبادرات‭ ‬العصرية‭ ‬والمواكبة‭ ‬للتطور،‭ ‬وأظن‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سبقتنا‭ ‬بميادين‭ ‬عدة،‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬مزامنة‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المستقبل،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬أقدم‭ ‬مناشدة‭ ‬موضوعية،‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية،‭ ‬فقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لوقف‭ ‬ظاهرة‭ ‬عشوائية‭ ‬أذان‭ ‬مساجد‭ ‬البحرين،‭ ‬وفوضى‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت،‭ ‬فقد‭ ‬اتخذت‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وجمهورية‭ ‬مصر،‭ ‬خطوات‭ ‬بتوحيد‭ ‬الأذان‭ ‬وضبط‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬عشوائية‭ ‬الأذان‭ ‬والأصوات‭. ‬

إننا‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الفضائية،‭ ‬ولسنا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬بداية‭ ‬الكهرباء،‭ ‬حين‭ ‬استخدموا‭ ‬الكهرباء‭ ‬لنقل‭ ‬الأذان‭ ‬إلى‭ ‬مسافات‭ ‬محدودة‭ ‬وليست‭ ‬واسعة،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬البعض‭ ‬اليوم‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬المرضى‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬والأطفال‭ ‬الرضع،‭ ‬بالإضافة‭ ‬للضوضاء‭.‬

لقد‭ ‬انطلقت‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬بنجاح‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وهندسة‭ ‬الفضاء،‭ ‬لفرض‭ ‬الأذان‭ ‬الموحّد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬إمارات‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬الصوت،‭ ‬ففي‭ ‬مدينة‭ ‬العين‭ ‬المشهورة‭ ‬بمساجدها‭ ‬وظفت‭ ‬نظم‭ ‬الاتصالات‭ ‬المتطورة‭ ‬لبث‭ ‬الأذان‭ ‬الموحد‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬باليوم‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬البث‭ ‬الحي‭ ‬في‭ ‬مسجد‭ ‬الشيخة‭ ‬سلامة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬البث‭ ‬الاحتياطي‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬أبوظبي‭ ‬الإذاعية‭ ‬التي‭ ‬تستقبل‭ ‬الأذان‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬إمارة‭ ‬ثم‭ ‬تحوله‭ ‬بطريقة‭ ‬فنية‭ ‬دقيقة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ينقل‭ ‬الأذان‭ ‬الحي‭ ‬المباشر‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬المساجد‭ ‬المزودة‭ ‬بأجهزة‭ ‬الاستقبال،‭ ‬وانتهت‭ ‬المهمة‭.‬

اليوم‭ ‬العالم‭ ‬بتطور‭ ‬مستمر‭ ‬بكل‭ ‬الميادين‭ ‬والمجالات،‭ ‬وعندما‭ ‬نقول‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬متطورة‭ ‬ورائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬معين‭ ‬بل‭ ‬يشمل‭ ‬القطاعات‭ ‬كافة،‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬عملية‭ ‬تكاملية‭ ‬مركبة،‭ ‬تشمل‭ ‬بنية‭ ‬المجتمع‭ ‬كلها‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الأذان‭ ‬وغيره‭.‬

فالحاصل‭ ‬اليوم،‭ ‬ظاهرة‭ ‬عفى‭ ‬عليها‭ ‬الزمن،‭ ‬وهي‭ ‬انطلاق‭ ‬آلاف‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬في‭ ‬محافظات‭ ‬البلاد‭ ‬بأصوات‭ ‬مختلفة‭ ‬وبعضها‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬غير‭ ‬عربية،‭ ‬لا‭ ‬تجيد‭ ‬حتى‭ ‬لفظ‭ ‬الكلمات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتعدد‭ ‬مستويات‭ ‬ارتفاع‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬وتباين‭ ‬الأداء‭ ‬بين‭ ‬الجيد‭ ‬والمقبول‭ ‬والسيئ،‭ ‬وكلها‭ ‬تصدح‭ ‬بعشوائية‭ ‬وكأن‭ ‬البلاد‭ ‬تشهد‭ ‬قيام‭ ‬الساعة‭.‬

لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت،‭ ‬بل‭ ‬العصر‭ ‬يفرض‭ ‬الآن‭ ‬اللحاق‭ ‬بالدول‭ ‬من‭ ‬حولنا،‭ ‬وبما‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬بدول‭ ‬عربية‭ ‬وإسلامية،‭ ‬فمعنى‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬حرج‭ ‬ولا‭ ‬فتاوى‭ ‬نحتاجها‭ ‬لتطبيق‭ ‬ذلك،‭ ‬فمجرد‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيمنع‭ ‬فوضى‭ ‬الأصوات‭ ‬ويحد‭ ‬ارتفاع‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬وإزعاج‭ ‬خلق‭ ‬الله،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يمنع‭ ‬نقل‭ ‬الصلاة‭ ‬كاملة‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬بعض‭ ‬المساجد‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬للناس‭ ‬وحالاتهم‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬الهدوء‭ ‬والسكينة،‭ ‬فتخيل‭ ‬اشتعال‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬باليوم،‭ ‬بين‭ ‬أذان‭ ‬ونقل‭ ‬للصلاة،‭ ‬هل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الدين؟

لقد‭ ‬كتبنا‭ ‬الكثير‭ ‬وبحت‭ ‬أصواتنا‭ ‬ونحن‭ ‬نناشد‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬وعشوائية‭ ‬الأذان‭ ‬ومكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬وأظن‭ ‬أنه‭ ‬أزف‭ ‬الوقت‭ ‬لاتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬حاسم‭ ‬وشجاع،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬

تنويرة‭:

‬العقل‭ ‬مفتاحك‭ ‬إلى‭ ‬الحياة،‭ ‬إن‭ ‬أضعته‭ ‬فأنت‭ ‬خارجها‭.‬