فجر جديد

المرأة وصناعة الرجال

| إبراهيم النهام

في‭ ‬حديث‭ ‬جمعني‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬الشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬المعروفة‭ ‬والمحترمة،‭ ‬سألته‭ ‬يومها‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬البيئة‭ ‬التربوية‭ ‬التي‭ ‬نشأ‭ ‬بها‭ ‬هو‭ ‬وإخوانه،‭ ‬وعن‭ ‬المفاهيم‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تجرعوها،‭ ‬وكيف‭ ‬كانت‭ ‬البدايات‭ ‬وكيف‭ ‬انتهت؟‭ ‬ليصبحوا‭ ‬اليوم‭ ‬عائلة‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وفي‭ ‬فعل‭ ‬الخير‭ ‬وفي‭ ‬الدلالة‭ ‬عليه‭.‬

‭ ‬أجابني‭ ‬بعمق‭ ‬بأن‭ ‬والده‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متفرّغًا‭ ‬لهم،‭ ‬أو‭ ‬لتربيتهم،‭ ‬بسبب‭ ‬انشغاله‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬والذي‭ ‬أهدر‭ ‬لإثره‭ ‬سنوات‭ ‬عمره‭ ‬وشبابه‭ ‬كلها،‭ ‬ليبني‭ ‬للعائلة‭ ‬امبراطورية‭ ‬تجارية‭ ‬عملاقة،‭ ‬كانت‭ ‬البوابة‭ ‬الكُبرى‭ ‬لدخول‭ ‬العمل‭ ‬السياسي،‭ ‬وقيادته،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أفرادها‭. ‬

‭ ‬ويضيف”‭ ‬الذي‭ ‬ربّاني‭ ‬أنا‭ ‬وأخوتي‭ ‬هو‭ ‬والدتي‭ ‬وليس‭ ‬والدي،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مكرّر‭ ‬ومستنسخ‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬العوائل،‭ ‬ومنذ‭ ‬قديم‭ ‬الأزمنة،،‭ ‬فالأم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تربي‭ ‬الأبناء‭ ‬وتنشئهم‭ ‬وتعلمهم‭ ‬وتوجههم،‭ ‬وتقسو‭ ‬عليهم،‭ ‬بخلاف‭ ‬الأب‭ ‬والذي‭ ‬يكون‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأوقات”‭.‬

‭ ‬ويردف‭ ‬“في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية،‭ ‬ومنذ‭ ‬البدايات‭ ‬الأولى،‭ ‬وأعني‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬الرعوية‭ ‬والزراعية‭ ‬والبحرية،‭ ‬كان‭ ‬الآباء‭ ‬منغمسين‭ ‬حتى‭ ‬النخاع‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يستنزف‭ ‬منهم‭ ‬الصحة‭ ‬والوقت‭ ‬والراحة،‭ ‬وكان‭ ‬يغيّبهم‭ -‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بصيادي‭ ‬اللؤلؤ‭- ‬الشهور‭ ‬الطويلة‭ ‬عن‭ ‬أبنائهم،‭ ‬مكلفين‭ ‬زوجاتهم‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬معًا”‭.‬

‭ ‬ويقول‭ ‬“الأم‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬الصلب‭ ‬أو‭ ‬الهش‭ ‬الذي‭ ‬يبنى‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬بعد،‭ ‬والذي‭ ‬يحدّد‭ ‬على‭ ‬إثره‭ ‬مسار‭ ‬هذه‭ ‬الأمم‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تتجه‭ ‬ولماذا؟‭ ‬وكيف؟‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الأم‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬الملوثات،‭ ‬صلبة،‭ ‬واعية،‭ ‬وحكيمة،‭ ‬كانت‭ ‬الأمور‭ ‬بخير‭ ‬حال،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬اختلفت،‭ ‬انهارت‭ ‬البنية‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬أصحابها،‭ ‬ولك‭ ‬الحديث‭ ‬مما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬ونسمعه‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬وحكايات‭ ‬أخي‭ ‬إبراهيم”‭.‬