ومضة قلم

لماذا مدير التوظيف أجنبي؟!

| محمد المحفوظ

كانت‭ ‬صرخة‭ ‬النواب‭ ‬مدوية،‭ ‬وكانت‭ ‬الصدمة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرد‭ ‬هو‭ ‬الصمت‭ ‬المطبق‭ ‬من‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬التوظيف،‭ ‬وحتى‭ ‬المواطنين‭ ‬كانوا‭ ‬آسفين‭ ‬وحزينين‭ ‬لأنّ‭ ‬آمالهم‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭ ‬تتضاءل‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭. ‬المفاجأة‭ ‬التي‭ ‬فجرها‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬والتي‭ ‬اختزلت‭ ‬مأساة‭ ‬آلاف‭ ‬العاطلين‭ ‬ولامست‭ ‬الجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬لكل‭ ‬عاطل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬بإعلانه‭ ‬أنّ‭ ‬التوظيف‭ ‬بيد‭ ‬الأجانب،‭ ‬وكان‭ ‬محقا‭ ‬حين‭ ‬تساءل‭ ‬بحرقة‭ ‬قلب‭: ‬إنه‭ ‬شيء‭ ‬جميل‭ ‬أن‭ ‬يتوافد‭ ‬الآلاف‭ ‬على‭ ‬معرض‭ ‬التوظيف‭ ‬الذي‭ ‬أقامته‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬لكن‭ ‬المخيب‭ ‬للآمال‭ ‬والذي‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الحزن‭ ‬والقهر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬مدراء‭ ‬التوظيف‭ ‬هم‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬المعرض،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬المدراء‭ ‬الأجانب‭ ‬هم‭ ‬للأسف‭ ‬من‭ ‬يستلمون‭ ‬السير‭ ‬الذاتية‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬البحرينيّ،‭ ‬وأصاب‭ ‬النائب‭ ‬كبد‭ ‬الحقيقة‭ ‬عندما‭ ‬وصف‭ ‬الأمر‭ ‬بـ‭ ‬“المعيب”‭.‬

إننا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬أصل‭ ‬المعضلة‭ ‬في‭ ‬بقاء‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجامعيين‭ ‬دون‭ ‬وظائف‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬هيمنة‭ ‬وتحكم‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الشركات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أقرّ‭ ‬به‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري،‭ ‬وكان‭ ‬دقيقا‭ ‬عندما‭ ‬وصف‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬بالعمود‭ ‬الفقري‭ ‬لأية‭ ‬مؤسسة،‭ ‬ولو‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬يهيمن‭ ‬عليها‭ ‬المدراء‭ ‬الأجانب‭ ‬تمت‭ ‬بحرنتها‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬الوكيل‭ ‬صباح‭ ‬–‭ ‬لأمكن‭ ‬تيسير‭ ‬عملية‭ ‬التوظيف‭ ‬على‭ ‬الوزارة‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬بوسعه‭ ‬أن‭ ‬ينكر‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬الوكيل‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري‭ ‬شخصيا‭ ‬بإلزام‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬بتوظيف‭ ‬ذوي‭ ‬الكفاءة‭ ‬من‭ ‬الخريجين،‭ ‬لكن‭ ‬الوزارة‭ ‬تجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬بذلك‭! ‬فقط‭ ‬من‭ ‬يمتلكون‭ ‬الحس‭ ‬الوطنيّ‭ ‬يبدون‭ ‬تعاونهم‭ ‬أما‭ ‬الآخرون‭ ‬فإنهم‭ ‬يفضلون‭ ‬الأجانب‭ ‬وهذا‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الأسف‭. ‬

تفضيل‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭ ‬مسألة‭ ‬يلمسها‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬ويكفي‭ ‬عند‭ ‬مراجعتك‭ ‬أية‭ ‬مؤسسة‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬فإنك‭ ‬تلاحظ‭ ‬الأجانب‭ ‬مهيمنين‭ ‬على‭ ‬أبسط‭ ‬الوظائف‭ ‬كشركات‭ ‬الصرافة،‭ ‬لتتساءل‭ ‬ببراءة‭ ‬وألم‭: ‬كيف‭ ‬تم‭ ‬توظيف‭ ‬هؤلاء؟‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬فيه‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬فرصتهم،‭ ‬والأشد‭ ‬إيلاما‭ ‬أنّ‭ ‬تلك‭ ‬الوظائف‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬المهارات‭ ‬العالية‭ ‬والدقيقة،‭ ‬وللدلالة‭ ‬على‭ ‬انحياز‭ ‬الأجانب‭ ‬لبني‭ ‬جلدتهم،‭ ‬فإنّ‭ ‬مواطنا‭ ‬تقدم‭ ‬لوظيفة‭ ‬محاسب‭ ‬بإحدى‭ ‬الشركات‭ ‬ولكن‭ ‬الوظيفة‭ ‬للأسف‭ ‬الكبير‭ ‬ذهبت‭ ‬لأجنبية‭ ‬تنتمي‭ ‬لجنسية‭ ‬مدير‭ ‬التوظيف‭. ‬لذا‭ ‬فإنّ‭ ‬المطلوب‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬بالفعل‭ ‬جادين‭ ‬في‭ ‬حلحلة‭ ‬قضية‭ ‬العاطلين‭ ‬العمل‭ ‬أولا‭ ‬على‭ ‬بحرنة‭ ‬قطاع‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬بقي‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬رهينة‭ ‬للأجانب‭ ‬فلا‭ ‬نتوقع‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬للمعضلة‭.‬