الوافدون في القطاع الحكومي... أزمة حقيقية

| عباس العمران

ينصح‭ ‬أحد‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭ ‬المسؤولين‭ ‬فيقول‭ ‬لهم‭ ‬“إن‭ ‬أردتَ‭ ‬معرفة‭ ‬العنصر‭ ‬الفاشل‭ ‬في‭ ‬فريقك‭ ‬كقائد،‭ ‬ابحث‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬يخطط‭ ‬عكس‭ ‬التوقعات،‭ ‬إن‭ ‬وجدته‭ ‬تخلص‭ ‬منهُ‭ ‬فوراً‭ ‬لأنه‭ ‬العائق‭ ‬الحقيقي‭ ‬لعملك”،‭ ‬تذكرتُ‭ ‬هذه‭ ‬النصيحة‭ ‬القيمة‭ ‬التي‭ ‬كتب‭ ‬فيها‭ ‬المتخصصون‭ ‬أبحاثا‭ ‬وكتبا‭ ‬عديدة،‭ ‬وأنا‭ ‬أُطالعُ‭ ‬إحصائية‭ ‬الأرقام‭ ‬الكبيرة‭ ‬للوافدين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬بينتها‭ ‬لجنة‭ ‬بحرنة‭ ‬الوظائف‭ ‬البرلمانية‭ ‬مؤخراً‭.‬

فقد‭ ‬بينت‭ ‬لنا‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬حقائق‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعرفها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬تصرح‭ ‬بها‭ ‬رسمية‭ ‬وحقيقية‭ ‬لأنها‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬المعنيين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التشكيك‭ ‬أو‭ ‬التبرير‭ ‬الفج‭ ‬الذي‭ ‬سئمنا‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتقنون‭ ‬سوى‭ ‬ترديد‭ ‬عبارات‭ ‬ركيكة‭ ‬وضعيفة‭ ‬للإعلام،‭ ‬تبرر‭ ‬استعانتهم‭ ‬بالأجانب‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬المواطن‭ ‬أحق‭ ‬بها‭.‬

والصدمة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬معدل‭ ‬الرواتب‭ ‬التي‭ ‬يتقاضونها،‭ ‬فقد‭ ‬وصلت‭ ‬رواتب‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬شهرياً،‭ ‬قد‭ ‬يذهلك‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬لكنه‭ ‬حقيقي‭ ‬فقد‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬بحرنة‭ ‬الوظائف‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬والبلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬وحدها‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬500‭ ‬موظف‭ ‬أجنبي‭ ‬برواتب‭ ‬وامتيازات‭ ‬كثيرة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬ومعلنة‭ ‬حول‭ ‬خطط‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنهم‭ ‬وإحلال‭ ‬الطاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬المقابل‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬حاسمة‭ ‬وجادة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬نحنُ‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬بوقف‭ ‬توظيف‭ ‬الوافدين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬بشكل‭ ‬فوري،‭ ‬فالتأخير‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬سيكلف‭ ‬اقتصادنا‭ ‬كثيراً،‭ ‬نقولها‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬بحاجة‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬أبداً،‭ ‬بل‭ ‬العكس‭ ‬تماما،‭ ‬يشكلُ‭ ‬وجودهم‭ ‬عبئا‭ ‬كبيرا،‭ ‬ويحرم‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الوظيفية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬لدينا‭ ‬طاقات‭ ‬شبابية‭ ‬جاهزة‭ ‬لشغر‭ ‬جميع‭ ‬المواقع‭ ‬وبكفاءة‭ ‬عالية،‭ ‬مازالت‭ ‬تنتظر‭ ‬الفرصة‭ ‬المواتية‭ ‬لها‭ ‬وبمؤهلات‭ ‬معترف‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬مؤهلات‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر‭.‬

 

كما‭ ‬نرجوا‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬لجنة‭ ‬تدقيق‭ ‬لمؤهلات‭ ‬جميع‭ ‬الوافدين‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬سواء‭ ‬أكانوا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص‭ ‬وذلك‭ ‬أُسوةً‭ ‬بما‭ ‬اتخذتهُ‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬