سوالف

التعليق الرياضي ثقافة.. عنوانها النزاهة والحيادية

| أسامة الماجد

إذا‭ ‬كان‭ ‬العلم‭ ‬يمثل‭ ‬حقائق‭ ‬وقوانين‭ ‬ومعلومات‭ ‬ومقاييس،‭ ‬فإن‭ ‬الثقافة‭ ‬مفاهيم‭ ‬وقيم‭ ‬وتصورات‭ ‬وعادات‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬التذوق،‭ ‬وبهذا‭ ‬تصبح‭ ‬الثقافة‭ ‬صفة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الإنسان،‭ ‬أي‭ ‬إنسان،‭ ‬أميا‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬حاصلا‭ ‬على‭ ‬أرقى‭ ‬الدرجات‭ ‬العلمية،‭ ‬فالثقافة‭ ‬رؤية‭ ‬عامة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬والمجتمع‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬الفكري‭ ‬والوجداني‭ ‬والأخلاقي‭ ‬والذوقي‭ ‬للإنسان‭ ‬عموما،‭ ‬ولكل‭ ‬إنسان‭ ‬ثقافته،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬مستوى‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة،‭ ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬طبيعة‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬إنسان‭ ‬يخلو‭ ‬عقله‭ ‬ووجدانه‭ ‬وضميره‭ ‬من‭ ‬خبرة‭ ‬حية،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر،‭ ‬من‭ ‬موقف‭.‬

وتأتي‭ ‬ثقافة‭ ‬“التعليق‭ ‬الرياضي”‭ ‬على‭ ‬المباريات‭ ‬كالرهن‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬يتسم‭ ‬به‭ ‬المذيع‭ ‬أو‭ ‬المعلق،‭ ‬فالأمر‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬الجلوس‭ ‬خلف‭ ‬“الميكرفون”‭ ‬والتعليق‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬المباريات‭ ‬تسعين‭ ‬دقيقة،‭ ‬إنما‭ ‬المسألة‭ ‬ترتبط‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬بالروح‭ ‬الرياضية‭ ‬والأخلاق‭ ‬والقواعد‭ ‬السلوكية‭ ‬والحيادية،‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬بوصلة‭ ‬المعلق‭ ‬إلى‭ ‬منتخب‭ ‬بلاده،‭ ‬فهذه‭ ‬غريزة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفالها،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المستحسن‭ ‬أن‭ ‬يغلب‭ ‬الحماس‭ ‬على‭ ‬الحيادية‭ ‬والروح‭ ‬الرياضية،‭ ‬وينفلت‭ ‬المعلق‭ ‬ويطير‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬أمتار‭ ‬ويسد‭ ‬الطرق‭ ‬على‭ ‬الفريق‭ ‬الخصم‭ ‬بعبارات‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬وقوته‭ ‬في‭ ‬الملعب،‭ ‬وهذا‭ ‬للأسف‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬منتخبنا‭ ‬الوطني‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬مبارياته‭ ‬في‭ ‬دوري‭ ‬المجموعات‭ ‬ببطولة‭ ‬خليجي‭ ‬24‭ ‬بقطر‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي،‭ ‬فمعلق‭ ‬إحدى‭ ‬الفضائيات‭ ‬انحرف‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬قواعد‭ ‬التعليق‭ ‬الرياضي‭ ‬المنصف،‭ ‬وأكد‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬المباراة‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬منتخب‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬منتخبنا‭ ‬“لعبا‭ ‬ونتيجة”‭ ‬والظفر‭ ‬ببطاقة‭ ‬التأهل‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬سينطلق‭ ‬اليوم‭ ‬الخميس،‭ ‬لكن‭ ‬منتخبنا‭ ‬استحق‭ ‬الفوز‭ ‬“لعبا‭ ‬ونتيجة”‭ ‬في‭ ‬المضمون‭ ‬والشكل‭.‬

 

التعليق‭ ‬الرياضي‭ ‬ثقافة،‭ ‬ويفترض‭ ‬من‭ ‬المعلق‭ ‬أن‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬مشاعره‭ ‬وعواطفه‭ ‬وانفعالاته‭ ‬ويحترم‭ ‬الخصم‭ ‬وينصفه‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬نزيها‭ ‬ومحايدا،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬سلوك‭ ‬وأخلاق‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬والتعصب‭ ‬هو‭ ‬المرض‭ ‬الذي‭ ‬يقتلها،‭ ‬لذلك‭ ‬نتمنى‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المعلقين‭ ‬الرياضيين‭ ‬الخليجيين‭ ‬التزام‭ ‬الحيادية‭.‬