وَخْـزَةُ حُب

هل هناك مؤامرة للقضاء علينا؟!

| د. زهرة حرم

لا‭ ‬يغفل‭ ‬أحد‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬دائم،‭ ‬وأنه‭ ‬مادام‭ ‬للبشرية‭ ‬نَفَس؛‭ ‬فستظل‭ ‬الاكتشافات‭ ‬والاختراعات‭ ‬العلمية‭ ‬تتوالى،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عليه‭ ‬أحد،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ممدوح‭ ‬ومحمود،‭ ‬غير‭ ‬أننا‭ ‬كبشر‭ ‬–‭ ‬كذلك‭ ‬–‭ ‬نكاد‭ ‬لا‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬معرفة‭ ‬أو‭ ‬معلومة‭ ‬إلا‭ ‬وفنّدتها‭ ‬أو‭ ‬كذّبتها‭ ‬معلومة‭ ‬أخرى‭ ‬تعاكسها‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭! ‬لا‭ ‬نكاد‭ ‬نمارس‭ ‬فعلا‭ ‬أو‭ ‬عملا‭ ‬إلا‭ ‬وفُوجئنا‭ ‬بعد‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬خطأ،‭ ‬وله‭ ‬نتائج‭ ‬كارثية‭! ‬لا‭ ‬نكاد‭ ‬نعتاد‭ ‬شيئًا‭ ‬إلا‭ ‬ووصلتنا‭ ‬محاذيره‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭! ‬حتى‭ ‬أصبحنا‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬من‭ ‬أعاصير،‭ ‬لا‭ ‬تهجع،‭ ‬ولا‭ ‬تستقر،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬التسليم‭ ‬بالعلم؛‭ ‬أخذنا‭ ‬نميل‭ ‬نحو‭ ‬الكفر‭ ‬به،‭ ‬وليكن‭ ‬ما‭ ‬يكن‭! ‬تعبنا‭!‬

تعالوا‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الأغذية؛‭ ‬فهذا‭ ‬الصنف‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬كان‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬مرض‭ ‬ما‭! ‬واليوم‭: ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬خاطئة،‭ ‬فهو‭ ‬علاج‭ ‬لذلكم‭ ‬المرض‭! ‬هذا‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الوزن‭! ‬هذا‭ ‬يرفع‭ ‬الكوليسترول‭! ‬هذا‭ ‬يرفع‭ ‬الضغط‭! ‬هذا‭ ‬يخفض‭ ‬السكر‭! ‬هذا‭ ‬يرفعه‭! ‬وما‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يسمونه‭ ‬الحقيقة‭ ‬العلمية،‭ ‬والخطأ‭ ‬والصواب،‭ ‬وآخر‭ ‬الاكتشافات،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الطب‭ ‬الحديث،‭ ‬والتقليدي،‭ ‬والبديل‭: ‬ضعنا‭! ‬ماذا‭ ‬نصدق؟‭! ‬إنْ‭ ‬كان‭ ‬المتخصص‭ ‬اليوم‭ ‬تائهًا،‭ ‬فكيف‭ ‬بنا‭ ‬نحن،‭ ‬مهما‭ ‬تثقّفنا؟‭! ‬أصبحنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجَل‭ ‬وقلق‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬الوشيكة‭ ‬القادمة‭ ‬التي‭ ‬ستزلزل‭ ‬ما‭ ‬نظن‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭.‬

تعالوا‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الأدوية؛‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬منعته‭ ‬وزارات‭ ‬الصحة،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭!‬؟‭ ‬ماذا،‭ ‬وكيف؟‭! ‬والسنوات‭ ‬التي‭ ‬قضيناها‭ ‬ونحن‭ ‬نتعاطه؟‭! ‬أعلَنوا‭ ‬فجأة‭ ‬–‭ ‬وعلى‭ ‬حين‭ ‬غُرّة‭ ‬منّا‭ ‬–‭ ‬أنها‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حالات‭ ‬فشل‭ ‬كلوي‭ ‬أو‭ ‬اكتئاب‭ ‬أو‭ ‬ميول‭ ‬انتحارية،‭ ‬أو‭ ‬سرطانات‭ ‬أو‭.. ‬أو‭.. ‬فكيف‭ ‬لا‭ ‬نخاف‭! ‬يستبدلون‭ ‬أدويتنا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقدمات‭ ‬أو‭ ‬يقطعونها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬مؤداه‭: ‬اكتشاف‭ ‬حديث‭! ‬والقديم‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭: (‬راحت‭ ‬عليكم‭!) ‬مثلا‭!‬؟

تعالوا‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الأدوات؛‭ ‬ولنركز‭ ‬مثلا‭ ‬على‭ ‬مادة‭ ‬البلاستيك،‭ ‬فهي‭ ‬مسرطنة‭ ‬–‭ ‬آمنّا‭ ‬بالله‭ ‬معلوم‭ ‬–‭ ‬منعناها‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬الميكروويف،‭ ‬وتحاشينا‭ ‬شراءها‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬وتجنبنا‭ ‬كثيرًا‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬تختلط‭ ‬بها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كارثية‭ ‬مهولة‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬غير‭ ‬بريئة‭ ‬منها؛‭ ‬كمواد‭ ‬التجميل‭ ‬التي‭ ‬نظن‭ ‬أنها‭ ‬“ماركات‭ ‬عالمية”‭ ‬ونشتريها‭ ‬بأغلى‭ ‬الأسعار‭! ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأدهى‭ ‬والأمر‭ ‬أنها‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬غذائنا،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الفاكهة،‭ ‬وكأنه‭ ‬كان‭ ‬ينقصنا‭ ‬تهجينها؛‭ ‬إلى‭ ‬تلويثها‭ ‬بالبلاستيك‭! ‬أرجو‭ ‬ألّا‭ ‬تكون‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬بلاستيكية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ندري‭!‬

لَكَأنَ‭ ‬هناك‭ ‬مؤامرة‭ ‬خفية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬البشرية‭! ‬ماذا‭ ‬نأكل؟‭ ‬نلبس؟‭ ‬نستخدم؟‭ ‬نعم‭ ‬الاختيار‭ ‬في‭ ‬أيدينا،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬خيارات‭ ‬جيدة‭ ‬متوافرة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭! ‬لا‭ ‬خيارات‭ ‬بأسعار‭ ‬معقولة‭! ‬فوقفةٌ‭ ‬سريعة‭ ‬بين‭ ‬أرفف‭ ‬أي‭ ‬سوبرماركت؛‭ ‬ستصيبك‭ ‬بالذعر‭! ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬الأورجانيك‭ ‬أو‭ ‬الأغذية‭ ‬العضوية‭ ‬علامة‭ ‬استفهام‭!‬؟‭.‬