ريشة في الهواء

الفقر وحد الشعوب

| أحمد جمعة

المواجهة‭ ‬قادمة،‭ ‬فمظاهر‭ ‬تفكك‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المحور‭ ‬الإيراني‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الصفر،‭ ‬والاحتقان‭ ‬النفسي‭ ‬والمزاجي‭ ‬تبدل‭ ‬وأصبح‭ ‬صوت‭ ‬العقل‭ ‬مغيباً‭ ‬والأمور‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بيد‭ ‬الطبقات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الأحزاب‭ ‬أو‭ ‬الأنظمة،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭.‬

في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬ولدى‭ ‬قيام‭ ‬اليابان‭ ‬بضربة‭ ‬قاتلة‭ ‬للأسطول‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬بيرل‭ ‬هاربر‭ ‬وعلى‭ ‬اثرها‭ ‬دمر‭ ‬أسطول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الحربي،‭ ‬خرج‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الياباني‭ ‬فزعا‭ ‬وقال‭ ‬لقد‭ ‬أيقظنا‭ ‬وحشاً‭ ‬كان‭ ‬نائماً،‭ ‬وعندما‭ ‬غزت‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الحرب‭ ‬أبواب‭ ‬موسكو‭ ‬علق‭ ‬تشرشل‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانيا‭ ‬قائلاً‭ ‬لقد‭ ‬كتب‭ ‬هتلر‭ ‬هزيمته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬فقد‭ ‬أيقظ‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬النائم،‭ ‬والذي‭ ‬يعرف‭ ‬تكوين‭ ‬وولاء‭ ‬وعقائدية‭ ‬الجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬السوفيتي‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬ألمانيا‭ ‬ارتكبت‭ ‬غلطتها‭ ‬التاريخية‭.‬

اليوم‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الأزمة‭ ‬والتصعيد‭ ‬والاحتقان‭ ‬وضبط‭ ‬النفس‭ ‬الذي‭ ‬يكاد‭ ‬ينفد‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتوقع‭ ‬استيقاظ‭ ‬المارد‭ ‬والوحش‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الشعوب‭ ‬المحكومة‭ ‬بالجوع‭ ‬والفقر‭ ‬ونقص‭ ‬الكهرباء‭ ‬وانعدام‭ ‬الخبز،‭ ‬وغلاء‭ ‬النفط،‭ ‬لقد‭ ‬وحد‭ ‬الفقر‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬وهم‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬إيران‭ ‬وغيرها،‭ ‬وأصبح‭ ‬المواطن‭ ‬سنيا‭ ‬أو‭ ‬شيعيا،‭ ‬مسيحيا‭ ‬أو‭ ‬درزيا،‭ ‬همه‭ ‬الآن‭ ‬الحياة‭ ‬المعيشية،‭ ‬لا‭ ‬خدعة‭ ‬المقاومة‭ ‬والممانعة،‭ ‬لقد‭ ‬انفجر‭ ‬الشارع‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وإيران،‭ ‬وأية‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬طالما‭ ‬انعدمت‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬وانقطعت‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬طوال‭ ‬اليوم،‭ ‬وأصبح‭ ‬سعر‭ ‬الوقود‭ ‬أغلى‭ ‬من‭ ‬سعر‭ ‬الذهب‭. ‬اليوم‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬الدومينو‭ ‬ولعبة‭ ‬السياسة‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬بلغته‭ ‬ثورة‭ ‬الشعوب‭ ‬المحكومة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬أفقرت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بحجة‭ ‬المقاومة،‭ ‬والولي‭ ‬الفقيه‭.‬

أستغرب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التمادي‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬تسقط‭ ‬واحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الغرور‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له،‭ ‬ولابد‭ ‬للدول‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬الهاجس‭ ‬والتململ‭ ‬والغليان‭ ‬النفسي‭ ‬والمزاج‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الطبقات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تتوقع‭ ‬هذا‭ ‬الانفجار،‭ ‬لأنها‭ ‬قد‭ ‬استكانت‭ ‬في‭ ‬اعتقادها‭ ‬لتخدير‭ ‬الشعوب‭ ‬بكذبة‭ ‬سياسية‭ ‬ودينية‭.‬

اليوم‭ ‬عندما‭ ‬نتأمل‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬التحولات‭ ‬الدراماتيكية‭ ‬التي‭ ‬عصفت‭ ‬بها‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬تحجيم‭ ‬العراق‭ ‬وتدمير‭ ‬قوته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التهديد‭ ‬بإحراز‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وشبح‭ ‬الفقر‭ ‬والجوع‭ ‬الذي‭ ‬يطارد‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬يبرز‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬تندم‭ ‬عليه‭ ‬أميركا‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬دمرت‭ ‬العراق‭ ‬وقَوَت‭ ‬شوكة‭ ‬إيران‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬كلها‭. ‬

كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كان‭ ‬وراءه‭ ‬الأميركان‭ ‬ونتمنى‭ ‬أخيرا‭ ‬لو‭ ‬يرفعوا‭ ‬يدهم‭ ‬ويتركوا‭ ‬الشعوب‭ ‬تقرر‭ ‬وحدها‭ ‬فهل‭ ‬تفعل؟‭ ‬ليست‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬نعرفها‭ ‬إذا‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك؟‭.‬

 

تنويرة‭:

‬ليس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬تستطيع‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭!.‬