استدامة التاجر البحريني

| رائد البصري

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬التاريخ‭ ‬والمنعطفات‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والتحولات‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬الثورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأولى‭ ‬حينما‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬أو‭ ‬عنوانها‭ ‬الأبرز،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬البحر‭ ‬ركيزة‭ ‬من‭ ‬ركائز‭ ‬التجارة‭ ‬وعلى‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭ ‬الفلاح‭ ‬البحريني‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الرقعة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬الإنتاجية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬البحرين‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الثورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصناعية‭ ‬الثانية‭ ‬والإنتاج‭ ‬والاستكشافات‭ ‬النفطية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬التحولات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬عصر‭ ‬الإنتاج‭. ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬الثورة‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬تمخضت‭ ‬عن‭ ‬ولادة‭ ‬الرأسمالية‭ ‬الدولية‭ ‬وأخيراً‭ ‬الثورة‭ ‬الرابعة‭ ‬محور‭ ‬المناقشات‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬عقده‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬التجار‭ ‬بتاريخ‭ ‬21‭ ‬نوفمبر‭ ‬الجاري‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“استدامة‭ ‬التاجر‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬الاقتصادية”،‭ ‬ومدى‭ ‬حجم‭ ‬الاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬الثورة،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬التغيير‭ ‬المتوقع‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭. ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬ستؤثر‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬استيعاب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬لها‭ ‬ويظهر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬الأسواق،‭ ‬إذ‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬أسواق‭ ‬تقليدية‭ ‬إلى‭ ‬الالكترونية‭ ‬فاتحةً‭ ‬آفاق‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬بمصراعيها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬تشريعات‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والسياحة‭.‬أما‭ ‬الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬فيتمثل‭ ‬في‭ ‬“العوائق‭ ‬المصاحبة”‭ ‬لسياسات‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتوازن‭ ‬المالي‭ ‬بعد‭ ‬انخفاض‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬وفرض‭ ‬الضرائب‭ ‬والتراخيص‭ ‬المرنة‭ ‬للعامل‭ ‬الأجنبي‭ ‬وبطئ‭ ‬حركة‭ ‬تنقل‭ ‬البضائع‭ ‬وخاصة‭ ‬مشتقات‭ ‬الألبان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المنافذ‭ ‬ورفع‭ ‬الرسوم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مما‭ ‬ساهم‭ ‬برفع‭ ‬التكاليف‭ ‬التشغيلية‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬مما‭ ‬شكل‭ ‬أكبر‭ ‬تحدي‭ ‬لاستدامة‭ ‬التاجر‭ ‬البحريني،‭ ‬ولذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬دراسة‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬بعمق‭ ‬ليتمكن‭ ‬التاجر‭ ‬من‭ ‬التعاطي‭ ‬السلس‭ ‬لتلك‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬السلبية‭. ‬فالمطلوب‭ ‬خلق‭ ‬أساليب‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬وتقديم‭ ‬التسهلات‭ ‬لتجار‭ ‬البحرين،‭ ‬وهنا‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬البارز‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قسم‭ ‬البحوث‭ ‬برصد‭ ‬جميع‭ ‬المشاكل‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬الكفيلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬لتاجر‭ ‬البحريني‭ ‬مثل‭ ‬“تمكين”‭ ‬وبنك‭ ‬التنمية‭ ‬ولجنة‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬ومتابعة‭ ‬قانون‭ ‬السيولة‭ ‬الذي‭ ‬سيودع‭ ‬مبلغ‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬كمارشال‭ ‬إنقاذ،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المؤمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬بمثابة‭ ‬قارب‭ ‬نجاة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬المتعثرة‭. ‬إن‭ ‬التحركات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬“الغرفة”‭ ‬تواكب‭ ‬تلك‭ ‬المتغيرات‭ ‬والمستجدات‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استضافة‭ ‬الخبراء‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وإرشاد‭ ‬التجار‭ ‬وعمل‭ ‬“لوبي‭ ‬مصغر‭ ‬ضاغط‭ ‬يضع‭ ‬قضايا‭ ‬التاجر‭ ‬البحريني‭ ‬ضمن‭ ‬صميم‭ ‬الأولويات”‭ ‬لرسم‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للمستقبل‭ ‬الرقمي‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬استدامة‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينيين‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬كيانهم‭ ‬ونشاطهم‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬التاجر‭ ‬صبور‭ ‬ومكافح‭ ‬ومحب‭ ‬للعمل‭ ‬مما‭ ‬يقوي‭ ‬ديمومة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬