إنما الأمم الأخلاق

| زهير توفيقي

صدق‭ ‬الشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬أحمد‭ ‬شوقي‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬“وَإِنَّمَا‭ ‬الأُمَمُ‭ ‬الأَخْلاقُ‭ ‬مَا‭ ‬بَقِيَتْ‭ ‬فَإِنْ‭ ‬هُمُ‭ ‬ذَهَبَتْ‭ ‬أَخْلاقُهُمْ‭ ‬ذَهَبُوا”،‭ ‬نعم‭ ‬الأخلاق‭ ‬والأدب‭ ‬والإتيكيت‭ ‬والذوق‭ ‬والأسلوب‭ ‬كلها‭ ‬صفات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬نتعلمها‭ ‬ونطبقها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭.‬

في‭ ‬اعتقادي‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعطي‭ ‬تلك‭ ‬الصفات‭ ‬والخصال‭ ‬الاهتمام‭ ‬اللازم،‭ ‬بالطبع‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬هم‭ ‬المسؤولون‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬المدرسة،‭ ‬هي‭ ‬ممارسات‭ ‬يومية‭ ‬وعادات‭ ‬جيدة‭ ‬علينا‭ ‬تطبيقها،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نقر‭ ‬بأننا‭ ‬نبخل‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬أبنائنا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬الصحيحة‭ ‬ونرى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عليهم‭ ‬تطبيقها‭ ‬عندما‭ ‬يكبرون‭.‬

على‭ ‬عاتقنا‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬ولا‭ ‬تعملون‭ ‬كم‭ ‬هي‭ ‬مؤثرة‭ ‬كلمات‭ ‬الشكر‭ ‬والثناء‭ ‬والاعتذار،‭ ‬لم‭ ‬نتعود‭ ‬استخدامها‭ ‬بالشكل‭ ‬المطلوب،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬شوهوا‭ ‬سمعة‭ ‬بلدهم‭ ‬أثناء‭ ‬سفرهم‭ ‬للخارج‭ ‬للدراسة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬للإجازة،‭ ‬عندما‭ ‬يسيئون‭ ‬التصرف‭ ‬والمعاملة‭ ‬بافتقادهم‭ ‬أبسط‭ ‬قواعد‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬والإتيكيت‭. ‬

نعم‭ ‬نرى‭ ‬كيف‭ ‬تتصرف‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬تصرفًا‭ ‬مشينًا‭ ‬ينعكس‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬فمراعاة‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬والقوانين‭ ‬والالتزام‭ ‬بالنظام‭ ‬أمور‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬الحريات‭ ‬الشخصية‭. ‬كنت‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬سفر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إلى‭ ‬أميركا،‭ ‬وأثناء‭ ‬قيامي‭ ‬بممارسة‭ ‬السباحة‭ ‬في‭ ‬مسبح‭ ‬عام‭ ‬لامست‭ ‬يدي‭ ‬بالخطأ‭ ‬جسم‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬المسبح‭ ‬وكان‭ ‬رجلا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬العمر‭ (‬‮٨٠‬‭ ‬عاماً‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭)‬،‭ ‬تصوروا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المسن‭ ‬بادر‭ ‬بالاعتذار‭ ‬مني‭ ‬بقوله‭ ‬إنه‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬بصراحة‭ ‬رفعت‭ ‬له‭ ‬القبعة‭ ‬عاليا‭ ‬لمجرد‭ ‬أنه‭ ‬اعتذر‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬وهو‭ ‬أكبر‭ ‬مني‭ ‬كثيرًا،‭ ‬بالذات‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬نطق‭ ‬بها‭ (‬My fault‭) ‬أي‭ ‬غلطتي‭! ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭.‬

هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬نتعرض‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬وكما‭ ‬يقولون‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬سبع‭ ‬فوائد‭. ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬من‭ ‬غيرنا‭ ‬الصفات‭ ‬الحميدة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬نختلف‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الدين،‭ ‬فهم‭ ‬بشر‭ ‬يتبعون‭ ‬دولا‭ ‬متقدمة‭ ‬عنا‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬والثقافة‭ ‬والعلم،‭ ‬ولا‭ ‬يسعني‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الراقي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭.‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬فكرة‭ ‬جيدة‭ ‬لو‭ ‬أشهرت‭ ‬عندنا‭ ‬جمعية‭ ‬بمسمى‭ ‬الجمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬للذوق‭ ‬العام،‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬إننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬كهذه‭ ‬وذلك‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بجودة‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬والوافد‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬ليواكب‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والصناعية،‭ ‬ومن‭ ‬أهداف‭ ‬الجمعية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أن‭ ‬تدرج‭ ‬مادة‭ ‬خاصة‭ ‬بالذوق‭ ‬العام‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬كون‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬راسخا‭ ‬ومستدامًا،‭ ‬ويمثل‭ ‬وجود‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الذوقية‭ ‬رافدًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬للتعليم‭ ‬ومكملا‭ ‬لدور‭ ‬الأسرة‭. ‬أتمنى‭ ‬ذلك‭.‬