زبدة القول

أحلام العثماني الجديد

| د. بثينة خليفة قاسم

في‭ ‬ظل‭ ‬الحالة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬خصوصا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالوضع‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وسوريا‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن،‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬مصطلحات‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬الأدبيات‭ ‬والتصريحات‭ ‬التركية‭ ‬المختلفة‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬استفحال‭ ‬الأوهام‭ ‬التركية‭ ‬الأردوغانية‭ ‬واستفحال‭ ‬حالة‭ ‬الشيزوفرينيا‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬السياسات‭ ‬التركية‭ ‬تجاه‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وتجاه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬المصطلحات‭ ‬والتعابير‭ ‬الأردوغانية،‭ ‬الحكم‭ ‬العثماني،‭ ‬والسيادة‭ ‬التركية،‭ ‬وميراث‭ ‬الأجداد،‭ ‬والوريث‭ ‬الشرعي‭ ‬للأراضي‭ ‬العثمانية،‭ ‬والكومنولث‭ ‬العثماني،‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬بعثها‭ ‬من‭ ‬تابوت‭ ‬التاريخ‭ ‬والتي‭ ‬تعكس‭ ‬النهم‭ ‬في‭ ‬التهام‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬وتقنين‭ ‬احتلالها‭ ‬بموجب‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬الزائفة‭.‬

هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬تصاحبها‭ ‬عمليات‭ ‬وتحركات‭ ‬مشبوهة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض،‭ ‬فقد‭ ‬استغلت‭ ‬الدولة‭ ‬التركية‭ ‬حالة‭ ‬التفكك‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬ليبيا‭ ‬وقامت‭ ‬بإرسال‭ ‬السلاح‭ ‬والمال‭ ‬والعتاد‭ ‬للجماعات‭ ‬الموالية‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬الليبية‭ ‬والتي‭ ‬تتولى‭ ‬تنفيذ‭ ‬المخطط‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬استنادا‭ ‬لأحلام‭ ‬الخلافة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬عقل‭ ‬أردوغان‭.‬

وقبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬قامت‭ ‬بتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬السراج‭ ‬الموالية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬ومجال‭ ‬المناطق‭ ‬البحرية،‭ ‬وهو‭ ‬اتفاق‭ ‬باطل‭ ‬قانونا‭ ‬لأنه‭ ‬يخالف‭ ‬مواد‭ ‬اتفاق‭ ‬الصخيرات‭ ‬الذي‭ ‬أرادته‭ ‬جميع‭ ‬الفصائل‭ ‬الليبية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬السراج‭ ‬نفسها‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬جميع‭ ‬الليبيين‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬لها‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقات‭ ‬دولية‭ ‬باسم‭ ‬الليبيين‭.‬

وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬استغلت‭ ‬حالة‭ ‬التفكك‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬وقامت‭ ‬باحتلال‭ ‬الشمال‭ ‬السوري‭ ‬والشمال‭ ‬العراقي،‭ ‬وقامت‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬بترويج‭ ‬خريطة‭ ‬تركية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬إعلامها،‭ ‬وهي‭ ‬الخريطة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬مدينتي‭ ‬الموصل‭ ‬وكركوك‭ ‬العراقيتين‭ ‬ومدينة‭ ‬حلب‭ ‬السورية‭. ‬

وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬تقوم‭ ‬الدولة‭ ‬التركية‭ ‬بعملية‭ ‬منظمة‭ ‬ضد‭ ‬الأكراد‭ ‬كما‭ ‬تولت‭ ‬الأرمن‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬لتوسيع‭ ‬هذه‭ ‬الخريطة‭ ‬واستعادة‭ ‬الامبراطورية‭ ‬العثمانية‭ ‬واستعادة‭ ‬مجد‭ ‬الأجداد‭.‬