ريشة في الهواء

صفة القائد والإنسان نادرة بهذا الزمان

| أحمد جمعة

حين‭ ‬أتأمل‭ ‬الحياة،‭ ‬بجدية‭ ‬وموضوعية‭ ‬أجد‭ ‬فرصة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬وجودنا‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬قدمناه‭ ‬للآخرين،‭ ‬وهو‭ ‬معيار‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والأحداث،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬حكمنا‭ ‬مرتبطا‭ ‬بمشاعرنا‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬وتسمع‭ ‬وتحكم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬وتلمسه‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بالأمور‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تغير‭ ‬التاريخ‭ ‬وتحدث‭ ‬فرقاً‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وصلت‭ ‬لنتيجة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬صفة‭ ‬الحاكم‭ ‬والإنسان‭ ‬معاً،‭ ‬نادرة‭ ‬بهذا‭ ‬الزمن،‭ ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬عرفت‭ ‬واقتربت‭ ‬وجاورت‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رعاه‭ ‬الله‭ ‬وشفاه‭ ‬وحفظه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروه،‭ ‬وتأملت‭ ‬نهجه‭ ‬بالحياة،‭ ‬ليس‭ ‬بالعمل‭ ‬فقط‭ ‬ولا‭ ‬بتسيير‭ ‬دفة‭ ‬الدولة،‭ ‬ولا‭ ‬بإدارة‭ ‬الحكم،‭ ‬وهذه‭ ‬كلها‭ ‬صفات‭ ‬أي‭ ‬حاكم‭ ‬أو‭ ‬قائد،‭ ‬يدير‭ ‬دولته،‭ ‬ما‭ ‬صادفته‭ ‬أنا‭ ‬وكثيرون‭ ‬غيري‭ ‬ممن‭ ‬أحاطوا‭ ‬بسموه‭ ‬لسنوات،‭ ‬ليس‭ ‬الحاكم‭ ‬أو‭ ‬القائد‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أقف‭ ‬عنده،‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬بالمواقف‭ ‬الإنسانية‭ ‬تراه‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬الحكم‭ ‬وقوانينه‭ ‬وقواعده‭ ‬وهي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬مقدسة‭ ‬عنده،‭ ‬ويقترب‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬بروح‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬شعر‭ ‬بآلامهم‭ ‬ومعاناتهم،‭ ‬ومتطلباتهم‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬نظري‭ ‬خلال‭ ‬تأملي‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬فيه،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬أنه‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬المرء‭ ‬ويتعرف‭ ‬على‭ ‬مشكلته‭ ‬أو‭ ‬يحل‭ ‬عقدته،‭ ‬بل‭ ‬فوق‭ ‬ذلك‭ ‬يتابعها‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬ويسأل‭ ‬ويطمئن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬الأمور‭ ‬سارت‭ ‬بخير‭.‬

ومن‭ ‬الصور‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬لمستها‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬لدى‭ ‬تأملي‭ ‬مواقفه‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وقفته‭ ‬مع‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬معاناتهم‭ ‬الصحية،‭ ‬فبمجرد‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬أو‭ ‬يصله‭ ‬خبر‭ ‬مريض‭ ‬أو‭ ‬مصاب‭ ‬بوعكة،‭ ‬أو‭ ‬يتعالج،‭ ‬هنا‭ ‬تبرز‭ ‬صفة‭ ‬الإنسان‭ ‬قبل‭ ‬صفة‭ ‬الحاكم،‭ ‬تقفز‭ ‬للواجهة‭ ‬روح‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فيبدأ‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬اهتمام‭ ‬سموه‭ ‬بهذا‭ ‬الإنسان‭ ‬وجميع‭ ‬خطوات‭ ‬علاجه‭ ‬ورعايته‭ ‬واهتمامه،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يشفى،‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬ذلك،‭ ‬فكلما‭ ‬رآه‭ ‬أو‭ ‬سمع‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬أبنائه‭ ‬أو‭ ‬أقربائه‭ ‬بادرهم‭ ‬بالسؤال‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬روح‭ ‬الأب‭ ‬والأخ‭ ‬حين‭ ‬يبدو‭ ‬سموه‭ ‬وهو‭ ‬مهتمٌ‭ ‬برعايته‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬النواحي‭ ‬الطبية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬وهذه‭ ‬الصفة‭ ‬قل‭ ‬ما‭ ‬تجدها‭ ‬بقائد‭ ‬بحجم‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬الحكم‭ ‬الكبيرة‭ ‬والشاقة‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تشغل‭ ‬أي‭ ‬حاكم‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬لمواطنيه‭ ‬بحكم‭ ‬حجم‭ ‬المسؤولية‭.‬

تأملت‭ ‬لسنواتٍ‭ ‬علاقة‭ ‬سموه‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬يزور‭ ‬مجلسه‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يراه‭ ‬في‭ ‬زياراته‭ ‬الميدانية‭ ‬لمدن‭ ‬وقرى‭ ‬البحرين،‭ ‬تأملت‭ ‬متابعاته‭ ‬للمرضى‭ ‬والمصابين‭ ‬بالحوادث،‭ ‬بداخل‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬خارجها،‭ ‬تأملت‭ ‬اهتمامه‭ ‬بحل‭ ‬مشاكل‭ ‬المعدمين‭ ‬ومن‭ ‬واجهوا‭ ‬تعثرا‭ ‬بحياتهم‭ ‬ومن‭ ‬لديهم‭ ‬مشكلات‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الخدمية،‭ ‬تأملت‭ ‬ذلك‭ ‬وشعرت‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرجل،‭ ‬وهذا‭ ‬جزيل‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬للإنسانية‭ ‬من‭ ‬خير‭. ‬سموه‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬بعمره‭ ‬ومده‭ ‬بالصحة‭ ‬والسعادة،‭ ‬أسعد‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬لجأ‭ ‬إليه‭ ‬أو‭ ‬سمع‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬قرأ‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬تناهى‭ ‬خبره‭ ‬إليه‭. ‬هذه‭ ‬صفة‭ ‬القائد‭ ‬والإنسان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروه‭.‬

تنويرة‭: ‬

الأحلام‭ ‬لا‭ ‬يصنعها‭ ‬النوم‭ ‬بل‭ ‬يحققها‭ ‬العقل‭.‬