هل يفهم الملالي الرسالة السعودية؟ (2)

| سالم الكتبي

ربما‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬تصفير‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة،‭ ‬لكن‭ ‬المؤكد‭ ‬أنها‭ ‬نجحت‭ ‬تماماً‭ ‬في‭ ‬إخراج‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬مكانته‭ ‬التصديرية‭ ‬المفترضة،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬انكماش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬بمعدلات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تاريخياً،‭ ‬وفقدان‭ ‬الناتج‭ ‬المحلى‭ ‬الإجمالي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬9ر3‭ % ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬وارتفعت‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ ‬51‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬بالتبعية‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬بحدود‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬ليشهد‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬كارثة‭ ‬معيشية‭ ‬مضاعفة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬متواصل‭ ‬للإيرانيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر،‭ ‬وهي‭ ‬مؤشرات‭ ‬سلبية‭ ‬مرشحة‭ ‬للاستمرار‭ ‬والارتفاع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إصرار‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬خنق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يستجب‭ ‬الملالي‭ ‬لمطلب‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأن‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬والصاروخي‭ ‬الإيراني‭.‬

رسالة‭ ‬العاهل‭ ‬السعودي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬بل‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬نفسه،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬سياساته‭ ‬باتت‭ ‬بمنزلة‭ ‬المعول‭ ‬الذي‭ ‬يهدم‭ ‬طموحات‭ ‬وتطلعات‭ ‬شعبه‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬بقاء‭ ‬النظام‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬الحكم،‭ ‬فالنهج‭ ‬الذي‭ ‬يمضي‭ ‬عليه‭ ‬عفا‭ ‬عليه‭ ‬الزمن،‭ ‬وأسلوب‭ ‬التدخل‭ ‬الفج‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬وفرض‭ ‬أجندة‭ ‬طائفية‭ ‬معينة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب،‭ ‬وتحدي‭ ‬إرادة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬باتت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الماضي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لإيران‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬كجزيرة‭ ‬بائسة‭ ‬وسط‭ ‬جيران‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬بلادهم‭ ‬وتسخير‭ ‬الثروات‭ ‬لمصالح‭ ‬شعوبهم‭ ‬ويحققون‭ ‬قفزات‭ ‬تنموية‭ ‬متسارعة‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أيضاً‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ويفرض‭ ‬عليه‭ ‬منظورا‭ ‬طائفيا‭ ‬ضيقا‭ ‬للحياة،‭ ‬وهو‭ ‬المنظور‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬تعاملت‭ ‬بموجبه‭ ‬تنظيمات‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والدولة‭ ‬الداعشية‭ ‬الموءودة،‭ ‬فالعالم‭ ‬يتحرك‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة‭ ‬نحو‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور‭ ‬وبناء‭ ‬المشتركات‭ ‬والمصالح‭ ‬المتبادلة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬رخاء‭ ‬الشعوب،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى‭ ‬المتخاصمة‭ ‬مع‭ ‬الحضارة‭ ‬والتاريخ،‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬صراعية‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬والمحيط‭ ‬الجغرافي‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬فيه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬جينات‭ ‬الحياة‭ ‬وليست‭ ‬قابلة‭ ‬للاستمرار‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ ‬رؤيتها‭ ‬للعالم‭ ‬وتمتلك‭ ‬أسباب‭ ‬التعايش‭ ‬والتأقلم‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الشعوب‭. ‬“إيلاف”‭.‬