فجر جديد

لو وجدت “الزكوات” لاختفى الفقراء

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬انتشر‭ ‬مقطع‭ ‬مؤثرة‭ ‬لسيدة‭ ‬بحرينية‭ ‬تناشد‭ ‬أهل‭ ‬الخير؛‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬تأثيث‭ ‬منزلها‭ ‬البسيط‭ ‬والرث،‭ ‬وأظهر‭ ‬المقطع‭ ‬أطفالها‭ ‬الصغار‭ ‬وهم‭ ‬مكوِّمون‭ ‬الفراش‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬بمشهد‭ ‬مؤسف‭ ‬يتمزق‭ ‬له‭ ‬القلب‭ ‬ويتقطع‭.‬

وفي‭ ‬بادرة‭ ‬تجاوب‭ ‬طيبة،‭ ‬أقدم‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬مساعدتها،‭ ‬حيث‭ ‬عبرت‭ ‬بمقطع‭ ‬آخر‭ ‬عن‭ ‬شكرها‭ ‬لهم،‭ ‬بموقف‭ ‬ذكرنا‭ ‬أنها‭ ‬لو‭ ‬“خُليت‭ ‬خُربت”‭ ‬وبأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الأجر،‭ ‬وبنجدة‭ ‬الآخرين‭ ‬ومساعدتهم،‭ ‬امتثالاً‭ ‬لما‭ ‬يدعو‭ ‬إليه‭ ‬ديننا‭ ‬السمح،‭ ‬وعاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وقيمنا‭.‬

واللافت‭ ‬هنا،‭ ‬بأن‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬المحتاجين‭ ‬والمغلوبين‭ ‬على‭ ‬أمرهم،‭ ‬بات‭ ‬يلجأ‭ ‬لــ‭ (‬قروبات‭ ‬الواتساب‭) ‬لطلب‭ ‬المساعدة،‭ ‬فلماذا‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬تحديدا؟‭ ‬أوجز‭ ‬ذلك‭ ‬بنقاط‭ ‬كتالي‭:‬

‭- ‬البيروقراطية‭ ‬التي‭ ‬تسير‭ ‬خلالها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والصناديق‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬المالية‭ ‬والعينية‭ ‬للحالات‭ ‬الطارئة‭ ‬والسريعة،‭ ‬والتي‭ ‬تتمخض‭ ‬أحيانا‭ ‬عن‭ ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬مبالغ‭ ‬شحيحة‭ ‬لا‭ ‬تسمن‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬عن‭ ‬جوع،‭ ‬ولن‭ ‬أزيد‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

‭- ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مواقف‭ ‬واضحة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحالات‭ ‬الطارئة‭ ‬بالسرعة‭ ‬المطلوبة،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬هنالك‭ ‬خط‭ ‬ساخن‭ ‬لها؟‭ ‬فلماذا؟

‭- ‬تمنّع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬والتجارة‭ ‬والخير‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬الصدقات‭ ‬والزكوات‭ ‬التي‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬بها،‭ ‬والتي‭ ‬إن‭ ‬أُخرجت‭ ‬كما‭ ‬يجب،‭ ‬لاختفى‭ ‬كل‭ ‬فقير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭.‬

‭- ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تفتح‭ ‬به‭ ‬الدولة‭ ‬أبوابها‭ ‬على‭ ‬مصراعيها‭ ‬للشركات‭ ‬والبنوك‭ ‬والتجار‭ (‬الأجانب‭) ‬وتقدم‭ ‬لها‭ ‬التسهيلات‭ ‬الخيالية‭ ‬لممارسة‭ ‬التجارة‭ ‬والعمل،‭ ‬لا‭ ‬يُقدم‭ ‬الكثيرون‭ ‬منهم‭ ‬فلسا‭ ‬واحدا‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية‭ ‬أو‭ ‬المجتمعية‭ ‬المُختلفة،‭ ‬خلافًا‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬بدول‭ ‬الجوار،‭ ‬فلماذا؟

ختامًا،‭ ‬من‭ ‬المشاهدات‭ ‬المؤسفة‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬حادثة‭ ‬السيدة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بها‭ ‬ديباجة‭ ‬المقال،‭ ‬بأنني‭ ‬استلمت‭ ‬المقطع‭ ‬الفيديو‭ ‬الذي‭ ‬يخصها‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬عدة،‭ ‬منها‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬المعروفين،‭ ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬لي‭ (‬لا‭ ‬تخلونها‭)‬،‭ ‬فكتبت‭ ‬له‭ ‬ساعتها‭ ‬بلا‭ ‬تردد‭ (‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬ونعم‭ ‬الوكيل‭ ‬فيك‭).‬