هل يفهم الملالي الرسالة السعودية؟ (1)

| سالم الكتبي

ندرك،‭ ‬كباحثين‭ ‬ومتخصصين‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الخليجي،‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الإيراني‭ ‬يمتلك‭ ‬من‭ ‬الغطرسة‭ ‬والغرور‭ ‬ما‭ ‬يحول‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬تلقي‭ ‬واستيعاب‭ ‬رسائل‭ ‬النصائح‭ ‬التي‭ ‬يتلقاها‭ ‬من‭ ‬جيرانه‭ ‬الحريصين‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬وما‭ ‬يتطلبه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬وجهود‭ ‬وعمل‭ ‬دؤوب‭ ‬يستهدف‭ ‬تسخير‭ ‬موارد‭ ‬الدول‭ ‬وثرواتها‭ ‬لصالح‭ ‬التنمية‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬والحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬لملايين‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يتوقون‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يبقى‭ ‬لدينا‭ ‬أمل،‭ ‬ولو‭ ‬ضعيف،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬قادة‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬بعقل‭ ‬منفتح‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬العاهل‭ ‬السعودي‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬بالمملكة‭ ‬الشقيقة،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬“الفكر‭ ‬التوسّعي‭ ‬والتخريبي”،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬ألحق‭ ‬الضرر‭ ‬بالشعب‭ ‬الإيراني،‭ ‬وقال‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬“نأمل‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬جانب‭ ‬الحكمة‭ ‬وأن‭ ‬يُدرك‭ ‬أنّه‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬له‭ ‬لتجاوز‭ ‬الموقف‭ ‬الدولي‭ ‬الرافض‭ ‬لممارساته‭ ‬إلا‭ ‬بترك‭ ‬فكره‭ ‬التوسّعي‭ ‬والتخريبي‭ ‬الذي‭ ‬ألحق‭ ‬الضرر‭ ‬بشعبه‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الشعوب”‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬التوسعي‭ ‬الذي‭ ‬ينتهجه‭ ‬الملالي‭ ‬هو‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه،‭ ‬والواقع‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح،‭ ‬والمسألة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبديه‭ ‬المحتجون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى،‭ ‬بل‭ ‬تعكسه‭ ‬مؤشرات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني،‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬فصام‭ ‬تام‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬تحتل‭ ‬مرتبة‭ ‬متقدمة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬مخزونات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬الطاقة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عما‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬بشرية‭ ‬وتعدينية‭ ‬ومادية‭ ‬أخرى‭.‬

تسببت‭ ‬سياسات‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬التدهور‭ ‬والانهيارات‭ ‬المتتالية‭ ‬بسبب‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬مشروعه‭ ‬التوسعي‭ ‬الطائفي،‭ ‬والصدام‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬انسحبت‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬وقامت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬الأقسى‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬يصر‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬تبعاتها‭ ‬سوى‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني،‭ ‬ويرفض‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬رغم‭ ‬محاولات‭ ‬حثيثة‭ ‬بدأتها‭ ‬الرئاسة‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وكادت‭ ‬أن‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬بدء‭ ‬حوار‭ ‬لولا‭ ‬تدخل‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬الأعلى‭ ‬وتوجيه‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬المبادرة‭ ‬الفرنسية‭ ‬بشروط‭ ‬لم‭ ‬يقبلها‭ ‬الجانب‭ ‬الأميركي‭. ‬“إيلاف”‭.‬