لا للعُنف ضد المرأة

| عبدعلي الغسرة

أوصى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬“بالضعيفين”،‭ ‬وأحدهما‭ ‬المرأة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوصية‭ ‬لم‭ ‬تشفع‭ ‬لها‭ ‬بما‭ ‬يرتكب‭ ‬ضدها‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬متعددة،‭ ‬انتهاكات‭ ‬دمرت‭ ‬وقتلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬العالم،‭ ‬انتهاكات‭ ‬القليل‭ ‬منها‭ ‬مُعلن،‭ ‬وما‭ ‬يجرؤ‭ ‬الآخرون‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬إلا‭ ‬بسبب‭ ‬انعدام‭ ‬العقاب‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬قوانين‭ ‬تدين‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬ولعدم‭ ‬قيام‭ ‬الضحايا‭ ‬أو‭ ‬الأسر‭ ‬بالتبليغ‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬العار‭ ‬والفضيحة‭. ‬وسواء‭ ‬كان‭ ‬الانتهاك‭ ‬ضربًا‭ ‬أو‭ ‬قتلًا‭ ‬أو‭ ‬جنسيًا‭ (‬فعلًا‭ ‬أو‭ ‬استغلالًا‭) ‬أو‭ ‬نفسيًا‭ (‬كالزواج‭ ‬القسري‭ ‬وزواج‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬وتشويه‭ ‬الأعضاء‭ ‬التناسلية‭ ‬للإناث‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬والمضايقات‭ ‬الإلكترونية‭)‬،‭ ‬فهو‭ ‬جريمة‭ ‬بحق‭ ‬المرأة‭ ‬وأسرتها‭ ‬ومجتمعها‭.‬

لماذا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة؟‭ ‬الانتهاك‭ ‬جريمة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬قوانين‭ ‬تُجرم‭ ‬هذا‭ ‬الانتهاك،‭ ‬فعلى‭ ‬الأفراد‭ ‬والدول‭ ‬أن‭ ‬تمتنع‭ ‬عنه،‭ ‬فالعنف‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬شكله‭ ‬ومصدره‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬نفسية‭ ‬المرأة‭ ‬وحياتها‭ ‬ومستقبلها‭. ‬الانتهاك‭ ‬لا‭ ‬يُحقق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬وضد‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وضد‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ولا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬منهج‭ ‬التنمية‭ ‬والسلام،‭ ‬ويُعيق‭ ‬الانتهاك‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ولا‭ ‬يُساهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التطور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتقدم‭ ‬الاقتصادي‭. ‬الانتهاك‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬عديمة‭ ‬المنفعة‭ ‬بسبب‭ ‬إفلات‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ممارسي‭ ‬الانتهاك‭ ‬ضد‭ ‬المرأة،‭ ‬فتصبح‭ ‬بذلك‭ ‬المرأة‭ ‬ضعيفة‭ ‬في‭ ‬أسرتها‭ ‬ومجتمعها‭. ‬الانتهاك‭ ‬يُدمر‭ ‬الأسر‭ ‬ويُفكك‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬أفرادها‭. ‬الانتهاك‭ ‬يُمثل‭ ‬خروجًا‭ ‬على‭ ‬الطبيعية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فالإنسان‭ ‬مولود‭ ‬على‭ ‬فطرة‭ ‬الخير‭ ‬والتكافل‭ ‬والفضائل‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدينية،‭ ‬والانتهاك‭ ‬فعل‭ ‬سلبي‭ ‬لا‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الفطرة‭ ‬وتلك‭ ‬القيم،‭ ‬فالانتهاك‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وسلب‭ ‬لكرامته‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬الآمنة‭.‬

على‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء،‭ ‬مؤسسات‭ ‬عامة‭ ‬وأهلية‭ ‬ومنظمات‭ ‬مدنية‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬“لا”‭ ‬للعنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة،‭ ‬وأن‭ ‬يعمل‭ ‬الجميع‭ ‬لإنهائه،‭ ‬والقضاء‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬أماكن‭ ‬العمل،‭ ‬والعمل‭ ‬معًا‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬موضوع‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬وهو‭ (‬جيل‭ ‬المساواة‭ ‬يقف‭ ‬ضد‭ ‬الاغتصاب‭) ‬وضد‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الممارسة‭ ‬ضد‭ ‬المرأة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬عالم‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬العُنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭.‬