ياسمينيات

“التربية” تحرمها من الأمومة

| ياسمين خلف

أجهضت‭ ‬أجنتها‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات،‭ ‬وأجرت‭ ‬مؤخراً‭ ‬عمليتين‭ ‬جراحيتين،‭ ‬ورغم‭ ‬حالتها‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬تحتم‭ ‬عليها‭ ‬عدم‭ ‬التعرض‭ ‬للإجهاد‭ ‬كحمل‭ ‬الأشياء‭ ‬الثقيلة،‭ ‬وركوب‭ ‬السلالم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طلبها‭ ‬المتكرر‭ ‬للنقل‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬حالياً‭ ‬كمعلمة،‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬أخرى‭ ‬يتوافر‭ ‬فيها‭ ‬مصعد‭ ‬كهربائي‭ ‬يُرفض‭ ‬بحجة‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬معلمة‭ ‬بديلة‭ ‬وقصور‭ ‬عدد‭ ‬المعلمات‭ ‬بعد‭ ‬تطبيق‭ ‬مشروع‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري‭! ‬وبعد‭ ‬رفع‭ ‬شكواها‭ ‬لوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬وعدتها‭ ‬خيراً،‭ ‬لكنها‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬تماطل،‭ ‬وتكرمت‭ ‬عليها‭ ‬بحل،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تطبيقه‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

طلبت‭ ‬الوزارة‭ ‬نقل‭ ‬الصفوف‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الطوابق‭ ‬العلوية‭ ‬إلى‭ ‬الطابق‭ ‬الأرضي،‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬الأمر‭ ‬معقول‭ ‬ويحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬الرحمة‭ ‬والتعاطف‭ ‬والتفهم،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬معقولاً‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬أمراً‭ ‬بذلك‭ ‬والمدرسة‭ ‬المعنية‭ ‬أصلاً‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬صفوف‭ ‬طلابية‭ ‬في‭ ‬طابقها‭ ‬الأرضي،‭ ‬كونه‭ ‬طابقا‭ ‬لغرف‭ ‬المعلمات‭ ‬والمكاتب‭ ‬الإدارية‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المادة‭ ‬التي‭ ‬تدرسها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬العلمية‭ ‬التطبيقية،‭ ‬وتتطلب‭ ‬التنقل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الصفوف‭ ‬والمختبرات‭ ‬وبالعكس،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ركوبها‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬أخرى‭ ‬للطوابق‭ ‬العلوية‭ ‬والنزول‭ ‬منها‭ ‬و”كأنك‭ ‬يا‭ ‬ابوزيد‭ ‬ما‭ ‬غزيت”‭!‬

حجة‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬معلمة‭ ‬تدرس‭ ‬ذات‭ ‬المادة‭ ‬مردود‭ ‬عليها،‭ ‬كون‭ ‬المدرسة‭ ‬تضم‭ ‬معلمة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬تخصصها‭ ‬وكفء‭ ‬وأقدم‭ ‬من‭ ‬المعلمة‭ ‬ذات‭ ‬الإجهاضات‭ ‬المتكررة،‭ ‬ومصنفة‭ ‬ضمن‭ ‬المعلمات‭ ‬“الفائض”‭ ‬وتدرس‭ ‬مواد‭ ‬الإثرائيات،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬البديل‭ ‬متوافر‭! ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬قصورا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬المدرسات‭ ‬كمشكلة‭ ‬وقعت‭ ‬فيها‭ ‬الوزارة‭ ‬بعد‭ ‬تطبيق‭ ‬مشروع‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري،‭ ‬فهو‭ ‬الآخر‭ ‬مردود‭ ‬عليه،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬تحويل‭ ‬معلمة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬أخرى‭ ‬يتوافر‭ ‬بها‭ ‬مصعد‭ ‬كهربائي‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬الاستبدال‭ ‬المؤقت‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المعلمة‭ ‬أزمتها‭ ‬الصحية،‭ ‬ولتتمكن‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬جنينها‭ ‬من‭ ‬السقوط‭ ‬اثر‭ ‬ركوبها‭ ‬ونزولها‭ ‬السلالم‭ ‬وهي‭ ‬مثقلة‭ ‬بجهازها‭ ‬المحمول‭ ‬وبقية‭ ‬أغراض‭ ‬التدريس‭!‬

أليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬هذه‭ ‬المعلمة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أماً؟‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أسرتها؟‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجهاضات‭ ‬المتكررة‭ ‬تعرضها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬مخاطر‭ ‬صحية،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تجهض‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإجهاض‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬والتدريس‭.‬

ياسمينة‭: ‬

في‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬المعلمة،‭ ‬وفي‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭ ‬كذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجهض‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتوافر‭ ‬لها‭ ‬البيئة‭ ‬الملائمة‭ ‬للعمل‭.‬