زبدة القول

أميركا وإيران واللعب على المكشوف

| د. بثينة خليفة قاسم

ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وإيران‭ ‬كله‭ ‬شيء‭ ‬واحد،‭ ‬وكله‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬اللعب‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران،‭ ‬فالأولى‭ ‬تريد‭ ‬تأديب‭ ‬الثانية‭ ‬وتقليص‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والثانية‭ ‬تكابر‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬تثبيت‭ ‬نفوذها‭ ‬المهدد‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭.‬

قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬قائد‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬شبه‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬لدعم‭ ‬حكومة‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬ومنع‭ ‬سقوطها‭ ‬رغم‭ ‬النار‭ ‬المشتعلة‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬بغداد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬العراق‭ ‬التي‭ ‬ضاقت‭ ‬بالنفوذ‭ ‬الإيراني،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬فضيحة‭ ‬الجواسيس‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬الأميركية،‭ ‬وحسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬يواصل‭ ‬خطبه‭ ‬الحنجورية‭ ‬وإعلان‭ ‬ولائه‭ ‬المطلق‭ ‬لعلي‭ ‬خامنئي‭.‬

لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الخرق‭ ‬اتسع‭ ‬على‭ ‬الراقع،‭ ‬فلا‭ ‬إقامة‭ ‬سليماني‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬ستسكت‭ ‬مظاهرات‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬الجبار‭ ‬ولا‭ ‬خطب‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬ستقنع‭ ‬اللبنانيين‭ ‬بمغادرة‭ ‬الشارع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صموا‭ ‬آذانهم‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ساسة‭ ‬لبنان‭.‬

صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬وثائق‭ ‬مخابراتية‭ ‬إيرانية‭ ‬تبين‭ ‬مخطط‭ ‬إيران‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬وتفضح‭ ‬علاقتها‭ ‬بساسة‭ ‬العراق‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بتنفيذ‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬صاحبة‭ ‬الفضل‭ ‬عليهم،‭ ‬وكشفت‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الساسة‭ ‬هم‭ ‬أداة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬العراق،‭ ‬لكن‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬لم‭ ‬يتفاجأ‭ ‬ولم‭ ‬يشعر‭ ‬بالصدمة‭ ‬لما‭ ‬نشرته‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وأكثر‭ ‬معروف‭ ‬بدقة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للمحللين‭ ‬السياسيين‭ ‬وكبار‭ ‬الإعلاميين‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬لكنه‭ ‬معروف‭ ‬لكل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المحتشدين‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬الذين‭ ‬يصرخون‭ ‬“إيران‭ ‬بره‭ ‬بره‭.. ‬العراق‭ ‬حرة‭ ‬حرة”‭.‬

عندما‭ ‬قرأت‭ ‬ما‭ ‬نشرته‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬عن‭ ‬فضيحة‭ ‬الجواسيس‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬تذكرت‭ ‬مضمون‭ ‬كتاب‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأميركي‭ ‬للعراق‭ ‬وهو‭ ‬كتاب‭ ‬الكاتب‭ ‬الإيراني‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬والي‭ ‬ناصر،‭ ‬وهو‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬“نهضة‭ ‬الشيعة”‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ ‬كاتبه‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬قامت‭ ‬مع‭ ‬مجيء‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأميركي‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬بإدخال‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬إيراني‭ ‬إلى‭ ‬العراق،‭ ‬حيث‭ ‬أعطتهم‭ ‬أسماء‭ ‬عربية‭ ‬لكي‭ ‬يتولوا‭ ‬مقاليد‭ ‬الأمور‭ ‬ويقوموا‭ ‬بتنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬إيراني‭ ‬كامل‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬اشتعلت‭ ‬النار،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬وبغداد‭ ‬فقط،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬نفسها،‭ ‬وفي‭ ‬توقيت‭ ‬واحد،‭ ‬ومعظم‭ ‬الذين‭ ‬أشعلوها،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬شيعة‭.‬