القراءة وصناعة التغيير في حياة بيل غيتس

| أميرة صليبيخ

منذ‭ ‬طفولته،‭ ‬عُرف‭ ‬بيل‭ ‬غيتس‭ ‬بذكائه‭ ‬الحاد،‭ ‬وشخصيته‭ ‬الانطوائية‭ ‬المائلة‭ ‬للعزلة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬هاجسا‭ ‬لدى‭ ‬أسرته‭ ‬التي‭ ‬هرعت‭ ‬لعرضه‭ ‬على‭ ‬أخصائي‭ ‬نفسي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتفاقم‭ ‬الوضع،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يقضي‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬مغلقا‭ ‬باب‭ ‬غرفته‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬رافضا‭ ‬القيام‭ ‬بمهامه‭ ‬المنزلية،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يرفض‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الحفلات‭ ‬المدرسية‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬مضيعة‭ ‬للوقت‭.‬

لقد‭ ‬أدرك‭ ‬بيل‭ ‬منذ‭ ‬صغره‭ ‬قيمة‭ ‬القراءة‭ ‬في‭ ‬توسعة‭ ‬أفقه،‭ ‬لذلك‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬وقته‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التعلم‭ ‬الذاتي،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬أولى‭ ‬برمجياته‭ ‬عند‭ ‬سن‭ ‬الـ‭ ‬13،‭ ‬واليوم‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تراكم‭ ‬المعرفة،‭ ‬تضم‭ ‬مكتبته‭ ‬مجموعة‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬تقدر‭ ‬قيمتها‭ ‬بـ‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أميركي،‭ ‬حيث‭ ‬يقرأ‭ ‬بمعدل‭ ‬خمسة‭ ‬كتب‭ ‬أسبوعيا‭ ‬ويقضي‭ ‬خلوة‭ ‬مع‭ ‬كتبه‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭.‬

لقد‭ ‬ساهمت‭ ‬قراءاته‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬رؤيته‭ ‬الخاصة‭ ‬والفذة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬لأية‭ ‬مشكلة‭ ‬وتنفيذها‭ ‬بأفضل‭ ‬طريقة‭ ‬ممكنة‭ ‬وفق‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬ومدروسة،‭ ‬يستقيها‭ ‬من‭ ‬الكتب،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬عقله‭ ‬يسبق‭ ‬جيله‭ ‬وأساتذته‭ ‬بسنوات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬دراسته‭ ‬في‭ ‬هارفارد‭ - ‬أعرق‭ ‬الجامعات‭ ‬الأميركية‭ - ‬عندما‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الجامعة‭ ‬لن‭ ‬تساعده‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬وجه‭ ‬العالم‭ ‬عبر‭ ‬برمجياته،‭ ‬ولولا‭ ‬قراره‭ ‬الجريء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليؤسس‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسوت‭ ‬التي‭ ‬غيرت‭ ‬مجرى‭ ‬التاريخ‭ ‬وجعلت‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬متوفرا‭ ‬تقريبا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬طاولة‭.‬

كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬بإمكانه‭ ‬تبني‭ ‬قيم‭ ‬بيل‭ ‬غيتس‭ ‬والانطلاق‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬لتغيير‭ ‬العالم‭ ‬بطريقة‭ ‬إيجابية‭ ‬وجعله‭ ‬مكانا‭ ‬قابل‭ ‬للحياة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأفكار‭ ‬الواضحة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬“الرؤية‭ ‬–‭ ‬التخطيط‭ ‬–‭ ‬التنفيذ”،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬قوة‭ ‬الأفكار‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬التغيير‭ ‬وعمارة‭ ‬الأرض،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬خلقنا‭.‬