زبدة القول

دور التعليم في تعزيز قيم التسامح

| د. بثينة خليفة قاسم

تحت‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬مؤتمر‭ ‬بمركز‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬الثقافي‭ ‬ونظمه‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬وحضره‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬المهمة‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬والخارج،‭ ‬وقام‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بافتتاح‭ ‬المؤتمر‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭.‬

ونحن‭ ‬دون‭ ‬مبالغة‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬سمات‭ ‬العهد‭ ‬الميمون‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬سمة‭ ‬التسامح‭ ‬وإعلاء‭ ‬شأن‭ ‬المواطنة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداها‭. ‬إن‭ ‬إعلاء‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وبين‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أديانها‭ ‬ومذاهبها‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يحصن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الفتن‭ ‬ويجعله‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬وأد‭ ‬جميع‭ ‬الفتن‭ ‬في‭ ‬مهدها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يصون‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدولة‭ ‬ويسد‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬اختراق‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬طابور‭ ‬خامس‭ ‬يقوم‭ ‬بإنهاك‭ ‬الدولة‭ ‬وهز‭ ‬استقرارها‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬القائد‭ ‬الحكيم‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬وتحصين‭ ‬البلاد‭ ‬ضد‭ ‬الفتن‭ ‬وجود‭ ‬تعليم‭ ‬ومناهج‭ ‬تعليم‭ ‬ترسخ‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬وتصونها‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬إلى‭ ‬جيل،‭ ‬فالتعليم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يصوغ‭ ‬الفكر‭ ‬ويصنع‭ ‬عقول‭ ‬الشباب‭ ‬وبالتالي‭ ‬يحدد‭ ‬اتجاهات‭ ‬وسلوك‭ ‬هذا‭ ‬الشباب،‭ ‬فكل‭ ‬سلوك‭ ‬وكل‭ ‬اتجاه‭ ‬أساسه‭ ‬الأول‭ ‬ما‭ ‬يتعلمه‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬وفي‭ ‬غير‭ ‬المدارس‭. ‬

هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬يحرق‭ ‬أركان‭ ‬العالم‭ ‬ويهدم‭ ‬الدول‭ ‬أساسه‭ ‬الفكر‭ ‬والقناعات‭ ‬التي‭ ‬تربى‭ ‬عليها‭ ‬هؤلاء‭ ‬المنتمون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التيارات‭ ‬الإرهابية‭.‬

وما‭ ‬تجنيه‭ ‬البحرين‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬وبعد‭ ‬عن‭ ‬الفتن‭ ‬هو‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬نتيجة‭ ‬لتاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬والمناهج‭ ‬التي‭ ‬ترسخ‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬وتعلي‭ ‬فكرة‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداها‭ ‬من‭ ‬انتماءات‭ ‬ومذاهب‭ ‬قد‭ ‬تتصارع‭ ‬فيسقط‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭.‬

وليس‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سقطت،‭ ‬قد‭ ‬سقطت‭ ‬بتصدعها‭ ‬الداخلي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تسقط‭ ‬بأي‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬ولنسأل‭ ‬إخواننا‭ ‬العراقيين‭ ‬لماذا‭ ‬خرجتم‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬وبماذا‭ ‬تنادون،‭ ‬سيقولون‭ ‬إننا‭ ‬ننادي‭ ‬بالوطن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضاع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وسقطت‭ ‬كل‭ ‬الوعود‭ ‬الكاذبة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نهب‭ ‬الوطن‭. ‬والرعاية‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬لهذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬الذي‭ ‬يعقد‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬البحرين‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬لهو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬بضرورة‭ ‬تربية‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القيم،‭ ‬ورسالة‭ ‬سامية‭ ‬من‭ ‬جلالته‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭ ‬بضرورة‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬العقول‭ ‬لكي‭ ‬يتحقق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭.‬