شرعنة الاستيطان تسقط ورقة التوت الأميركية

| بدور عدنان

لا‭ ‬أعلم‭ ‬لماذا‭ ‬صدمت‭ ‬الأوساط‭ ‬الدولية‭ ‬خصوصاً‭ ‬العربية‭ ‬منها‭ ‬بقرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬بشرعية‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فسياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬واضحة‭ ‬وضوح‭ ‬الشمس‭ ‬منذ‭ ‬أيامه‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وما‭ ‬إعلان‭ ‬واشنطن‭ ‬الأخير‭ ‬حول‭ ‬شرعية‭ ‬المستوطنات‭ ‬إلا‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬التزاماً‭ ‬كاملاً‭ ‬برعاية‭ ‬المصالح‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

فالصفعة‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬ترامب‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬توليه‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وقام‭ ‬بنقل‭ ‬سفارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬إليها،‭ ‬حينها‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬سوى‭ ‬الإدانات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسمن‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬من‭ ‬جوع‭.‬

اعتراف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشرعية‭ ‬المستوطنات‭ ‬يتعارض‭ ‬شكلاً‭ ‬ومضموناً‭ ‬مع‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والأجهزة‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬وجميع‭ ‬المواثيق‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬وحتى‭ ‬قوانين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬أفتت‭ ‬إدارتها‭ ‬القانونية‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1978م‭ ‬بتعارض‭ ‬إقامة‭ ‬المستوطنات‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يخصها‭ ‬وحدها‭ ‬وليست‭ ‬له‭ ‬أية‭ ‬قوة‭ ‬إلزامية‭ ‬تجاه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بشرعية‭ ‬أممية‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تغييره‭ ‬إلا‭ ‬بتوافق‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬

بالتأكيد‭ ‬نقر‭ ‬ونعترف‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬القطب‭ ‬الأقوى‭ ‬والأكثر‭ ‬تأثيراً‭ ‬على‭ ‬الأوساط‭ ‬الدولية،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬تملك‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬وتغيير‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬فمنظورها‭ ‬الفردي‭ ‬شأنها‭ ‬الخاص‭ ‬لا‭ ‬يسمو‭ ‬فوق‭ ‬الخطوط‭ ‬الواضحة‭ ‬والعريضة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الواضح‭ ‬والملزم‭ ‬لأطراف‭ ‬النزاع‭.‬

فشرعنة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬الاستيطان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يبعث‭ ‬رسائل‭ ‬واضحة‭ ‬مفادها‭ ‬السياسة‭ ‬الواضحة‭ ‬لترامب‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الكيان‭ ‬المغتصب‭ ‬دعماً‭ ‬كاملاً‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الدليل‭ ‬القاطع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬الخفي‭ ‬يصب‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬لمصالح‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬لا‭ ‬تنضوي‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬التزامات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬1967م‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬كما‭ ‬وتمكين‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬الأصلي‭ ‬وفق‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وخصوصا‭ ‬قرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬رقم‭ ‬194‭ ‬لعام‭ ‬1948م‭. ‬فهل‭ ‬هناك‭ ‬مغفل‭ ‬مازال‭ ‬يتغنى‭ ‬بصفقة‭ ‬القرن؟‭.‬