ريشة في الهواء

ولى عصر البطانات والحاشيات!

| أحمد جمعة

لكل‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقع،‭ ‬حاشية،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬أو‭ ‬مديرا‭ ‬وحتى‭ ‬مشرف‭ ‬قسم،‭ ‬حاشية‭ ‬خاصة‭ ‬تحيط‭ ‬به،‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الصدق‭ ‬والأمانة‭ ‬والوفاء،‭ ‬وبعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬المصلحة‭ ‬والنفاق،‭ ‬ويبقى‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬الانتباه‭ ‬واليقظة،‭ ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬بتأثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬البطانة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بين‭ ‬“الصالح‭ ‬والطالح”،‭ ‬وعليه،‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الحاشية‭ ‬الضيقة‭ ‬ويختلط‭ ‬بالناس‭ ‬والجموع‭ ‬لمعرفة‭ ‬الحقائق،‭ ‬فالدائرة‭ ‬الأوسع‭ ‬هي‭ ‬الأهم،‭ ‬وهي‭ ‬المحيط‭ ‬الأشمل‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬الحقائق‭ ‬أوضح،‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬بمواقع‭ ‬كثيرة‭ ‬لم‭ ‬يقتدوا‭ ‬بعادة‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬في‭ ‬أسلوبه‭ ‬وطريقته‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬الناس،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬الدائم‭ ‬والميداني‭ ‬معهم‭ ‬دون‭ ‬الاعتماد‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الدوائر‭ ‬المحيطة‭.‬

إن‭ ‬الحاشية‭ ‬أو‭ ‬البطانة‭ ‬المحيطة‭ ‬عادة‭ ‬بالمسؤول،‭ ‬هي‭ ‬انعكاس‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وتمثل‭ ‬عجينة‭ ‬مصغرة‭ ‬للبلد،‭ ‬فيها‭ ‬الناصح‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يبتغي‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬مصلحة‭ ‬الناس‭ ‬وفيها‭ ‬الأناني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬طول‭ ‬وقته‭ ‬سوى‭ ‬بمصلحته،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬وموجود‭ ‬بالمجتمع‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬ننكره،‭ ‬وأخطر‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬مجتمعا‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬بطانة‭ ‬للأسف‭ ‬تنحاز‭ ‬لمصلحتها‭ ‬ولا‭ ‬يهمها‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬مكانتها،‭ ‬لهذا‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬مناورتها‭ ‬ونفاقها‭ ‬وعدم‭ ‬نقل‭ ‬الحقيقة‭ ‬وتوضيح‭ ‬الأمور،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بتلميع‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬إخواننا‭ ‬المصريين،‭ ‬“كل‭ ‬شيء‭ ‬تمام‭ ‬أفندم”،‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬عتيق،‭ ‬أكل‭ ‬عليه‭ ‬الدهر،‭ ‬اليوم‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الضوء،‭ ‬والأمور‭ ‬مكشوفة‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إخفاؤها،‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬تحت‭ ‬الأضواء،‭ ‬الناس‭ ‬تعلم،‭ ‬والبعيد‭ ‬والقريب‭ ‬يعلم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الأمر‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬البطانة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬أضيق‭ ‬الحدود‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬توصل‭ ‬الحقائق‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬المسؤول‭ ‬وخصوصا‭ ‬الوزير‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬بنفسه‭ ‬ويعقد‭ ‬اللقاءات‭ ‬المفتوحة‭ ‬ويجري‭ ‬الجولات‭ ‬الميدانية،‭ ‬وهذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬ومعها‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية،‭ ‬مازالت‭ ‬تعيش‭ ‬بنظام‭ ‬البطانات‭ ‬والحاشيات‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائنا‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬قدوة‭ ‬ونبراسا‭ ‬في‭ ‬الالتحام‭ ‬بالناس،‭ ‬ومعرفة‭ ‬ظروفهم‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬معاناتهم‭ ‬وحل‭ ‬مشاكلهم،‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬سماعه‭ ‬ومشاهدته‭ ‬واختلاطه‭ ‬بالمجتمع‭ ‬بمختلف‭ ‬الوسائل‭ ‬المتاحة،‭ ‬ميدانية‭ ‬وعبر‭ ‬مجلسه‭ ‬الذي‭ ‬يستقبل‭ ‬الجميع‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬متابعته‭ ‬الشخصية‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الأثر‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬التواصل‭.‬

هذا‭ ‬العصر‭ ‬وهذه‭ ‬الحياة‭ ‬المعقدة‭ ‬اليوم،‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬لبطانات‭ ‬بل‭ ‬تحتاج‭ ‬لتواصل‭ ‬مباشر،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬ينقل‭ ‬إليك‭ ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬تراه‭ ‬بعينيك‭ ‬وتسمعه‭ ‬بأذنيك‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬المعنية‭.‬

تنويرة‭: ‬

لن‭ ‬ترى‭ ‬النجوم‭ ‬مادمت‭ ‬لا‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭!.‬