الحوكمة بالقطاع العام

| رائد البصري

‭ ‬انعقد‭ ‬الملتقى‭ ‬الحكومي‭ ‬2019‭ ‬مطلع‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري،‭ ‬وبحث‭ ‬نتائج‭ ‬مخرجات‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬وطرح‭ ‬مشاريع‭ ‬جديدة‭ ‬تحقق‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬2030‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬الاستدامة‭ ‬والتنافس‭. ‬ولم‭ ‬يمر‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬على‭ ‬ختام‭ ‬الملتقى‭ ‬حتى‭ ‬أصدر‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬تقريره‭ ‬السنوي‭ ‬كاشفًا‭ ‬مكامن‭ ‬الخلل‭ ‬أو‭ ‬التقصير‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تطلب‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬آليات‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬لترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬وتشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬المنتظمة‭ ‬للأجهزة‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭.‬

‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والوزارات‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬تسهل‭ ‬عملية‭ ‬المدققين‭ ‬الماليين،‭ ‬وتوجيه‭ ‬المنسقين‭ ‬الماليين‭ ‬في‭ ‬الإدارات‭ ‬المختلفة‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬معايير‭ ‬دقيقة‭ ‬للصرف‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬عمل‭ ‬كشف‭ ‬حساب‭ ‬مصروفات‭ ‬أو‭ ‬جرد‭ ‬فواتير‭ ‬الصرف‭.‬

‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬المعايير‭ ‬هي‭ ‬كيفية‭ ‬الإنفاق‭ ‬بطريقة‭ ‬تميل‭ ‬للترشيد،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الحوكمة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬وفقًا‭ ‬للمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يساعد‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طريقة‭ ‬منهجية‭ ‬منظمة‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحسين‭ ‬الإدارة‭ ‬والإنفاق‭ ‬والرقابة‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬أهم‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬التنبّه‭ ‬لها،‭ ‬بعد‭ ‬تقرير‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية،‭ ‬هي‭ ‬وضع‭ ‬آليات‭ ‬واضحة‭ ‬تستطيع‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تنفيذ‭ ‬المراجعة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وتحسين‭ ‬الحوكمة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الحوكمة‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬هشًّا‭ ‬إلى‭ ‬حدٍّ‭ ‬ما،‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التوعية‭.‬

إن‭ ‬ضبط‭ ‬الإنفاق‭ ‬وترسيخ‭ ‬مبدأ‭ ‬المراجعة‭ ‬الداخلية‭ ‬يقدم‭ ‬قيمة‭ ‬وإضافة‭ ‬للقطاع‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬مؤسساته،‭ ‬ويمكن‭ ‬العاملين‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بدورهم‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭.‬

‭ ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬إطار‭ ‬للحوكمة‭ ‬الجيدة‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحكومية‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منه‭ ‬لأنه‭ ‬بخلاف‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬المراجعة‭ ‬الداخلية‭ ‬ستختفي‭ ‬بينما‭ ‬يبقى‭ ‬محصورًا‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬فحص‭ ‬أعمال‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬قبل‭ ‬الصرف،‭ ‬هنا‭ ‬تلتقي‭ ‬الجداول‭ ‬والينابيع‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬لتصب‭ ‬في‭ ‬النهر‭ ‬الرئيس‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬يهتم‭ ‬بجميع‭ ‬القضايا‭ ‬من‭ ‬مالية‭ (‬بعد‭ ‬الصرف‭) ‬وأداء‭ ‬والتزام‭ ‬بينما‭ ‬إدارات‭ ‬المراجعة‭ ‬الداخلية‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬مالية‭ (‬قبل‭ ‬الصرف‭)‬،‭ ‬فأي‭ ‬اختصار‭ ‬أو‭ ‬اختزال‭ ‬لمفاهيم‭ ‬العمل‭ ‬عند‭ ‬إدارات‭ ‬المراجعة‭ ‬الداخلية‭ ‬فإنه‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬المصب‭ ‬النهائي‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإصلاح‭ ‬من‭ ‬الجذور،‭ ‬وتدعيم‭ ‬الهيكل‭ ‬الإداري‭ ‬والحوكمة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بمراقبة‭ ‬البرامج،‭ ‬وفحص‭ ‬تقارير‭ ‬الأداء‭ ‬المالي،‭ ‬وتحقيق‭ ‬المساءلة‭ ‬العامة،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬يقدّم‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬لكشف‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد‭ ‬العام‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭.‬