ريشة في الهواء

أغنية مكررة!

| أحمد جمعة

ملل،‭ ‬سأم،‭ ‬الوجوه‭ ‬نفس‭ ‬الوجوه،‭ ‬والتصريحات‭ ‬ذاتها،‭ ‬والعناوين‭ ‬نفس‭ ‬العناوين،‭ ‬والأخبار‭ ‬والمقالات‭ ‬ذاتها،‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وكل‭ ‬أسبوع‭ ‬وكل‭ ‬شهر‭ ‬وكل‭ ‬سنة،‭ ‬على‭ ‬ماذا‭ ‬يدل‭ ‬ذلك؟‭ ‬يبرهن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬جامد‭ ‬ولا‭ ‬يتحرك،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬ثمة‭ ‬حركة‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬فهي‭ ‬بأقصى‭ ‬درجة‭ ‬حركة‭ ‬رتيبة،‭ ‬روتينية،‭ ‬مثل‭ ‬أغنية‭ ‬مكررة‭! ‬لا‭ ‬تجسد‭ ‬ولا‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬ديناميكية‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يبرهن‭ ‬أنه‭ ‬مجتمع‭ ‬حيوي‭ ‬متغير،‭ ‬يشعر‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬بأنه‭ ‬حي،‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أمام‭ ‬الجديد‭ ‬والمثير‭ ‬والمتغير،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الحيوية‭ ‬المتغيرة،‭ ‬وأقرب‭ ‬صورة‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬الغربية،‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الآسيوية،‭ ‬كالصين‭ ‬وسنغافورة،‭ ‬وكوريا‭. ‬طبعاً‭ ‬ليست‭ ‬الشمالية‭.‬

ماذا‭ ‬أعني‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الحيوية‭ ‬المتغيرة؟‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تسجل‭ ‬باستمرار‭ ‬إنجازاً‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة،‭ ‬فعندما‭ ‬تقرأ‭ ‬صحفهم‭ ‬وتشاهد‭ ‬قنواتهم‭ ‬وتتابع‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لديهم‭ ‬ترى‭ ‬الإبداعات‭ ‬والإنجازات،‭ ‬والمواطن،‭ ‬لا‭ ‬يشكو‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭ ‬حالة‭ ‬الجمود‭ ‬في‭ ‬وضعه‭ ‬المعيشي‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬عندنا‭ ‬تراجعا‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه،‭ ‬وهنا‭ ‬تقاس‭ ‬الحيوية‭ ‬المجتمعية،‭ ‬باستمرار‭ ‬الإنفاق‭ ‬والمستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬المواطن،‭ ‬والكل‭ ‬يعلم‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نخجل‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬مستوى‭ ‬الإنفاق‭ ‬لدى‭ ‬غالبية‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬قد‭ ‬انخفضت،‭ ‬وأتمنى‭ ‬لو‭ ‬أجريت‭ ‬دراسة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬بدل‭ ‬الدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬الفارغة،‭ ‬والتاجر،‭ ‬لا‭ ‬يتبرم‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والإجراءات،‭ ‬والمثقف‭ ‬لا‭ ‬يضجر‭ ‬من‭ ‬القوالب‭ ‬الجامدة‭ ‬للثقافة،‭ ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بقية‭ ‬الشرائح‭ ‬والفئات‭ ‬والطبقات‭ ‬التي‭ ‬تشعر‭ ‬بالتبرم‭ ‬من‭ ‬الجمود‭.‬

نحن‭ ‬إذا‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬متكررة‭ ‬مجترة،‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬للشعور،‭ ‬بالتغيير‭ ‬في‭ ‬المزاج‭ ‬والتفاؤل،‭ ‬والأمان‭ ‬المعيشي،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬وتشكر‭ ‬عليه‭ ‬الحكومة‭ ‬برعاية‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬الجمر‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬جيد،‭ ‬بل‭ ‬ممتاز،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬تحريك‭ ‬المياه‭ ‬الراكدة‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬المجتمع‭ ‬وأولها‭ ‬الحالة‭ ‬المادية‭ ‬للمواطن،‭ ‬ثم‭ ‬تحريك‭ ‬المياه‭ ‬الأخرى‭ ‬الراكدة‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬والثقافة،‭ ‬ويفضل‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إلغاء‭ ‬الإعلام،‭ ‬وكل‭ ‬شرايين‭ ‬المجتمع‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬فتحنا‭ ‬الصحف‭ ‬والقنوات‭ ‬المحلية‭ ‬تطالعنا‭ ‬بالأخبار‭ ‬الجديدة‭ ‬والمفعمة‭ ‬بالحيوية،‭ ‬بدل‭ ‬العناوين‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬وتسبب‭ ‬الكآبة،‭ ‬التغيير،‭ ‬جربناه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬مركز‭ ‬المنطقة‭ ‬النابض‭ ‬بالحيوية‭ ‬والنشاط،‭ ‬وكان‭ ‬المواطن‭ ‬بمستوى‭ ‬معيشي‭ ‬وإنفاقي‭ ‬يُحسد‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬كله،‭ ‬واليوم‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لعودة‭ ‬البحرين‭ ‬لمركزها‭ ‬الطبيعي‭ ‬ولكن‭ ‬متى؟‭ ‬وكيف؟‭ ‬القواعد‭ ‬موجودة‭ ‬وقد‭ ‬وضعها‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬للعودة‭ ‬إليها‭ ‬وتفعيلها،‭ ‬بدل‭ ‬التجارب‭ ‬العشوائية‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.‬

 

تنويرة‭:

‬السير‭ ‬بالاتجاه‭ ‬المعاكس‭ ‬يُجدي‭ ‬عندما‭ ‬يصبح‭ ‬اتجاه‭ ‬السير،‭ ‬مختلفاً‭.‬