سوالف

آفة كبرى تعمل على تشويه الشوارع

| أسامة الماجد

تحدثت‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬“الملصقات‭ ‬التي‭ ‬تشوه‭ ‬جدران‭ ‬ومحلات‭ ‬سوق‭ ‬المنامة‭ ‬بجميع‭ ‬اللغات”،‭ ‬وتفاعل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬مع‭ ‬الموضوع،‭ ‬واليوم‭ ‬سأتحدث‭ ‬عن‭ ‬آفة‭ ‬كبرى‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تشويه‭ ‬الشوارع‭ ‬وترتبط‭ ‬بمقتضيات‭ ‬الفن‭ ‬والجمال،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬للمناقشة‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬شوارع‭ ‬ومدن‭ ‬بمعايير‭ ‬جمالية‭ ‬ونظريات‭ ‬تخطيط‭ ‬حديثة،‭ ‬والآفة‭ ‬الكبرى‭ ‬هي‭ ‬“بعض‭ ‬إعلانات‭ ‬الشوارع”‭ ‬وإضرارها‭ ‬بمظهر‭ ‬الشوارع‭ ‬ورونقها،‭ ‬فمعظم‭ ‬الإعلانات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬نشاهدها‭ ‬تشعر‭ ‬أنها‭ ‬مصممة‭ ‬بطريقة‭ ‬بدائية،‭ ‬لا‭ ‬يراعى‭ ‬فيها‭ ‬التنسيق‭ ‬والجمال‭ ‬والإخراج،‭ ‬فيزيد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تشويه‭ ‬الشوارع‭ ‬والاعتداء‭ ‬عليها،‭ ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الإعلانات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وأكثرها‭ ‬تخص‭ ‬الشركات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬فألوانها‭ ‬متنافرة‭ ‬على‭ ‬حوائط‭ ‬المباني‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة،‭ ‬وحتى‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬وإشارات‭ ‬المرور،‭ ‬وهناك‭ ‬إعلانات‭ ‬تتسلق‭ ‬الأعمدة‭ ‬والجدران‭ ‬وتصل‭ ‬في‭ ‬تسلقها‭ ‬إلى‭ ‬الأسطح‭ ‬وتستقر‭ ‬فوقها،‭ ‬تركيبات‭ ‬كئيبة‭ ‬يمجها‭ ‬الذوق‭ ‬نهارا،‭ ‬وتفشي‭ ‬الأبصار‭ ‬ليلا‭ ‬بأضوائها‭ ‬المتحركة‭.‬

بعض‭ ‬إعلانات‭ ‬الشوارع‭ ‬تضفي‭ ‬صورة‭ ‬كئيبة‭ ‬وظلالا‭ ‬حزينة‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬الإشفاق‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الإعجاب،‭ ‬وهذا‭ ‬الجو‭ ‬القاتم‭ ‬من‭ ‬القبح‭ ‬والتنافر‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬خطر‭ ‬داهم‭ ‬أكبر‭ ‬يرتبط‭ ‬بترقية‭ ‬أذواق‭ ‬الناس‭ ‬وغرس‭ ‬مبادئ‭ ‬حب‭ ‬الجمال‭ ‬وتقديس‭ ‬الفن،‭ ‬فعالم‭ ‬الإعلانات‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الثقافة،‭ ‬وقد‭ ‬يحسب‭ ‬من‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬بوجه‭ ‬عام،‭ ‬وهناك‭ ‬صلة‭ ‬وثيقة‭ ‬بين‭ ‬الفنون‭ ‬التشكيلية‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬بحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬اليومية،‭ ‬من‭ ‬مسكن،‭ ‬وأدوات‭ ‬زينة‭ ‬أو‭ ‬عمل،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬لابد‭ ‬للشخص‭ ‬الذي‭ ‬توكل‭ ‬إليه‭ ‬مهمة‭ ‬تصميم‭ ‬الإعلانات‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لديه‭ ‬أحاسيس‭ ‬القيم‭ ‬الجمالية‭ ‬المتصلة‭ ‬بالفنون‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬ضليع‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬“الفوتوشوب”‭ ‬لنفسح‭ ‬المجال‭ ‬أمامه،‭ ‬ويتفق‭ ‬معي‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬“بلاوي”‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬نقرأها‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الإعلانات‭ ‬مثل‭ ‬“مكسراة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬مكسرات”،‭ ‬“نضارات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬نظارات”‭ ‬وغيرها‭.‬

ما‭ ‬أريد‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تصميم‭ ‬الإعلانات‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬المحضة،‭ ‬كاللوحة‭ ‬المنحوتة،‭ ‬والجدارية‭ ‬والتصاميم‭ ‬وبقية‭ ‬منتجات‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬عمل‭ ‬عادي‭.‬