عجباً يا ظريف فمن أي طهران أنت آت؟!

| بدور عدنان

لم‭ ‬أفاجأ‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬استغربت‭ ‬من‭ ‬وقاحة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬وهو‭ ‬يخاطب‭ ‬قيادات‭ ‬وشعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مقال‭ ‬كتبه‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬عنوانه‭ ‬حول‭ ‬مبادرة‭ ‬هرمز‭ ‬للسلام‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬روحاني‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.‬

ظريف‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬كما‭ ‬استرسل‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬دوافع‭ ‬ومنطلقات‭ ‬صياغتها‭ ‬معبراً‭ ‬عنها‭ ‬بمفردات‭ ‬رنانة‭ ‬مثل‭ ‬الحوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والوشائج‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‭ ‬والأواصر‭ ‬العائلية‭.‬

المضحك‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أنه‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬نشر‭ ‬مقال‭ ‬ظريف‭ ‬قامت‭ ‬طهران‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬في‭ ‬مفاعل‭ ‬فوردو‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خفض‭ ‬التزامها‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬لا‭ ‬تفسير‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬التعنت‭ ‬والصدام‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الرافضة‭ ‬لامتلاك‭ ‬إيران‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬امتلاكها‭ ‬تهديدا‭ ‬لجيرانها‭ ‬والأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬رفضها‭ ‬الحوار‭ ‬والحلول‭ ‬السلمية‭.‬

وزير‭ ‬خارجية‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬احتفل‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬بالذكرى‭ ‬الأربعين‭ ‬لاحتجاز‭ ‬الرهائن‭ ‬الأميركيين‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬وبجاحة‭ ‬يحدثنا‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬احترام‭ ‬السيادة‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬وقد‭ ‬عاثت‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬فساداً،‭ ‬وهي‭ ‬مازالت‭ ‬تحتل‭ ‬الجزر‭ ‬الإماراتية‭ ‬طنب‭ ‬الصغرى‭ ‬وطنب‭ ‬الكبرى‭ ‬وأبو‭ ‬موسى،‭ ‬هو‭ ‬ينصحنا‭ ‬اليوم‭ ‬بحل‭ ‬الاختلافات‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية،‭ ‬حيث‭ ‬يواصل‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬انتهاكه‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وهو‭ ‬يعتدي‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬في‭ ‬الممرات‭ ‬البحرية،‭ ‬يعظنا‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬حول‭ ‬استئصال‭ ‬الإرهاب‭ ‬وقد‭ ‬مول‭ ‬الإرهابيين‭ ‬بالأسلحة،‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬أخطار‭ ‬التحالفات‭ ‬العسكرية‭... ‬عجباً‭ ‬يا‭ ‬ظريف‭ ‬فمن‭ ‬أي‭ ‬طهران‭ ‬أنت‭ ‬آت؟‭!‬

لا‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفكر‭ ‬به‭ ‬روحاني‭ ‬عند‭ ‬طرحه‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬الساذجة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كلمات‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مبادرة‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الأجدر‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبادرات‭ ‬فعلية‭ ‬لا‭ ‬كتابية،‭ ‬فأكاذيب‭ ‬طهران‭ ‬التي‭ ‬انطلت‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬السابقة‭ ‬لن‭ ‬تنطلي‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬مجدداً،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأجدر‭ ‬بالرئيس‭ ‬روحاني‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬فعلية‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬نفوذ‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬استفاقت‭ ‬شعوبها‭ ‬وباتت‭ ‬انتفاضتها‭ ‬تؤرق‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬