دبي... أنموذجا

| زهير توفيقي

ليس‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬إمارة‭ ‬دبي‭ ‬أن‭ ‬تفاجئنا‭ ‬بأفكار‭ ‬ومشاريع‭ ‬خلاقة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والوافدين‭ ‬والسياح،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬كتبت‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬برواز‭ ‬دبي‭ ‬وكم‭ ‬هو‭ ‬جميل،‭ ‬وكم‭ ‬تجني‭ ‬بلدية‭ ‬دبي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المعلم‭ ‬السياحي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكلف‭ ‬حكومة‭ ‬دبي‭ ‬الكثير‭.‬

اليوم‭ ‬جاءت‭ ‬بلدية‭ ‬دبي‭ ‬بخبر‭ ‬إنشائها‭ ‬“درج‭ ‬دبي”‭ ‬ليكون‭ ‬معلمًا‭ ‬آخر‭ ‬لإمارة‭ ‬دبي،‭ ‬مشروع‭ ‬رياضي‭ ‬وسياحي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬وسيكون‭ ‬جاهزًا‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬وأنا‭ ‬بدوري‭ ‬أراهن‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭ ‬الناجحة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬إضافة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المعالم‭ ‬لإمارة‭ ‬دبي‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط‭.‬

المحللون‭ ‬والخبراء‭ ‬الاقتصاديون‭ ‬ذكروا‭ ‬أن‭ ‬إمارة‭ ‬دبي‭ ‬تحررت‭ ‬من‭ ‬الدائرة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الضيقة‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬تقليدية‭ ‬للدخل،‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬أرحب،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬نسبة‭ ‬مساهمة‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭ ‬لا‭ ‬تتخطى‭ ‬الـ‭ ‬6‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإيرادات‭ ‬الحكومية‭ ‬المتوقعة‭ ‬للعام‭ ‬المقبل،‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الإمارة‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬والازدهار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬موضحين‭ ‬أن‭ ‬الطموح‭ ‬الكبير‭ ‬لدبي‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬الموازنة‭ ‬الجديد،‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬دراسة‭ ‬مستفيضة‭ ‬بُنيت‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬متينة‭ ‬وراسخة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تكشف‭ ‬عنه‭ ‬الارتفاعات‭ ‬القياسية‭ ‬المتحققة‭ ‬في‭ ‬القيمة‭ ‬الإجمالية‭ ‬للنفقات‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الأعوام‭ ‬الخمسة‭ ‬الأخيرة‭.‬

لذا‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬أعلاه،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬أو‭ ‬هيئة‭ ‬تملك‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الكافية‭ ‬لعرض‭ ‬مشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬سياحية‭ ‬ناجحة،‭ ‬ونحن‭ ‬نملك‭ ‬كل‭ ‬مقومات‭ ‬السياحة‭ ‬ونملك‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬البحرينية‭ ‬المخلصة‭ ‬والمتقنة‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬أعطيت‭ ‬لها‭ ‬الفرصة‭ ‬والتدريب‭ ‬اللازم‭ ‬والثقة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تمتلك‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬الجيدة‭ ‬وتستطيع‭ ‬أن‭ ‬تستوعب‭ ‬مشاريع‭ ‬سياحية‭ ‬جديدة‭.‬

دائما‭ ‬ما‭ ‬أردد‭ ‬في‭ ‬مقالاتي‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تستاهل‭ ‬وتستاهل‭ ‬الكثير‭ ‬وشعبها‭ ‬الوفي‭ ‬يستحق‭ ‬الكثير،‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬ان‭ ‬الحكومة‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تشرك‭ ‬معها‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬ناجحة‭ ‬ومربحة،‭ ‬والأهم‭ ‬تسويق‭ ‬البحرين‭ ‬عالميًا،‭ ‬أعلم‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ميزانية‭ ‬ضخمة‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المردود‭ ‬إيجابيا،‭ ‬مثلما‭ ‬نجحت‭ ‬دبي‭ ‬في‭ ‬تسويق‭ ‬ذاتها‭. ‬

وأود‭ ‬أن‭ ‬أعطي‭ ‬مثالا‭ ‬ليس‭ ‬للمقارنة،‭ ‬إنما‭ ‬كمثال‭ ‬فقط،‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتي‭ ‬مؤخرا‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك،‭ ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬لوحدها‭ ‬زارها‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬‮٦٥‬‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭! ‬ولكم‭ ‬أن‭ ‬تتخيلوا‭ ‬كم‭ ‬أنفق‭ ‬هؤلاء‭ ‬السواح‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مبنى‭ (‬Empire State‭) ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وليس‭ ‬الحصر‭ ‬زاره‭ ‬‮٤‬‭ ‬ملايين‭ ‬سائح،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬رسم‭ ‬الدخول‭ ‬يبلغ‭ ‬‮٤٥‬‭ ‬دولارا‭ ‬للفرد‭! ‬ربي‭ ‬احفظ‭ ‬بحريننا‭ ‬الغالية‭ ‬لنراها‭ ‬في‭ ‬أجمل‭ ‬صورها‭ ‬تحت‭ ‬ظل‭ ‬قيادتنا‭ ‬الرشيدة‭.‬