اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب

| عبدعلي الغسرة

البيئة‭ ‬ضحية‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬العسكرية،‭ ‬فالحروب‭ ‬تقتل‭ ‬البشر‭ ‬والحجر‭ ‬والشجر‭ ‬وكائنات‭ ‬البحر،‭ ‬وتلوث‭ ‬آبار‭ ‬المياه‭ ‬وتحرق‭ ‬المحاصيل‭ ‬وتسمم‭ ‬التربة‭ ‬وتقتل‭ ‬الحيوانات،‭ ‬وهي‭ ‬خسائر‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬أثناء‭ ‬الحروب،‭ ‬ويتم‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬العالية‭ ‬كالأخشاب‭ ‬والماس‭ ‬والذهب‭ ‬والنفط‭ ‬والأراضي‭ ‬الخصبة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمويل‭ ‬الحروب‭ ‬ومعداتها‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ومنوعاتها‭ ‬الحياتية‭ ‬والنباتية‭ ‬أقرت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قرارها‭ ‬رقم‭ (‬46/4‭) ‬بأن‭ ‬6‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يوم‭ ‬دولي‭ ‬لمنع‭ ‬استخدام‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬العسكرية،‭ ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬عيش‭ ‬الإنسان،‭ ‬وجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬توازن‭ ‬الكون،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬استراتيجيات‭ ‬منع‭ ‬الصراع‭ ‬وتشييد‭ ‬السلام،‭ ‬وبدون‭ ‬البيئة‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استغلال‭ ‬موارد‭ ‬الأرض‭ ‬استغلالًا‭ ‬تامًا‭ ‬ولن‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

إن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬يُمثل‭ ‬سبيلًا‭ ‬لتهيئة‭ ‬الظروف‭ ‬الضرورية‭ ‬لتمكين‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بحقوقه‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الحماية‭ ‬لمكونات‭ ‬البيئة‭ ‬حماية‭ ‬للإنسان‭ ‬والأرض‭ ‬ومواردها،‭ ‬ويأمل‭ ‬الإنسان‭ ‬بأن‭ ‬يسود‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬الأرض‭ ‬وتنتهي‭ ‬كل‭ ‬الصراعات‭ ‬بين‭ ‬المتحاربين،‭ ‬فبانتهاء‭ ‬الحروب‭ ‬يتحقق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والتنمية،‭ ‬ولن‭ ‬يتحقق‭ ‬السلام‭ ‬إلا‭ ‬بتعمير‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬زراعية‭ ‬وحيوانية‭ ‬وبحرية‭ ‬كونها‭ ‬وسيلة‭ ‬لحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬تمده‭ ‬بما‭ ‬يحتاجه‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الحياتية‭.‬

إن‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬يُمثل‭ ‬دعوة‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬النزاعات‭ ‬السياسية‭ ‬والصراعات‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسان‭ ‬وبيئته،‭ ‬وإحلال‭ ‬التنافس‭ ‬بينهم‭ ‬في‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأفضل‭ ‬للموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنمية‭ ‬الإنسان‭ ‬وتحقيق‭ ‬متطلباته‭ ‬الحياتية‭ ‬المتزايدة،‭ ‬ولأجل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الجوع‭ ‬والفقر‭. ‬إن‭ ‬آثار‭ ‬الحروب‭ ‬الإنسانية‭ ‬والجسدية‭ ‬تتعافى‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬طويلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬آثار‭ ‬تدمير‭ ‬البيئة‭ ‬ومواردها‭ ‬تبقى‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬وتعافيها‭ ‬مرهون‭ ‬بقدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬إعمارها‭ ‬وبنائها‭ ‬ثانية‭.‬

إن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ضرورة‭ ‬إنسانية‭ ‬وتدبير‭ ‬وقائي‭ ‬وإصلاحي‭ ‬لحماية‭ ‬الإنسان‭ ‬والأرض‭ ‬ومواردها،‭ ‬وكلما‭ ‬انخفضت‭ ‬أضرار‭ ‬البيئة‭ ‬ارتفع‭ ‬مؤشر‭ ‬استخدام‭ ‬موارد‭ ‬الأرض،‭ ‬فإفساد‭ ‬الأرض‭ ‬كسفك‭ ‬الدماء‭ ‬وتدمير‭ ‬الأرض‭ ‬كقتل‭ ‬الأبرياء‭.‬