رؤيا مغايرة

في ذكرى المولد النبوي

| فاتن حمزة

وعادت‭ ‬ذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬الإنسان‭ ‬العظيم،‭ ‬ذكرى‭ ‬المولد‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف،‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬يجعلنا‭ ‬نستذكر‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬القوي‭ ‬والخلق‭ ‬والمواقف‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬الخالدة‭ ‬المناسبة‭ ‬لكل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬أصولهم‭ ‬وأعراقهم‭ ‬ومذاهبهم‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يتعظ‭ ‬ويستفيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬غائبون‭ ‬كثر‭ ‬وتائهون‭ ‬بين‭ ‬زحمة‭ ‬الحياة‭ ‬ومشاغلها،‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬إجازة‭ ‬المولد‭ ‬النبوي‭ ‬لجهل‭ ‬أكثرهم‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ،‭ ‬وآخرون‭ ‬يقضون‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬نقاشات‭ ‬وجدل‭ ‬وخلاف‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالمولد‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬ومتى‭ ‬ظهرت‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬نعود‭ ‬للجدال‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬نقضيه‭ ‬في‭ ‬استذكار‭ ‬أقواله‭ ‬والاقتداء‭ ‬بكلماته‭ ‬المباركة‭ ‬وتعليمها‭ ‬الأبناء‭.‬

رسالة‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ليست‭ ‬مختزلة‭ ‬في‭ ‬يوم،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬لطوال‭ ‬السنة‭ ‬باتباع‭ ‬منهجه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬حياتنا،‭ ‬ومن‭ ‬المحزن‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬أنفسنا‭ ‬أو‭ ‬أبناءنا‭ ‬أن‭ ‬يسردوا‭ ‬لنا‭ ‬فقط‭ ‬10‭ ‬أحاديث،‭ ‬لنرى‭ ‬العجب‭ ‬بعجزهم‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬بينما‭ ‬إذا‭ ‬سألناهم‭ ‬عن‭ ‬أسماء‭ ‬10‭ ‬لاعبين‭ ‬سيسردون‭ ‬لنا‭ ‬المئات‭! ‬لماذا؟‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرسخ‭ ‬هذه‭ ‬المفاهيم‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الناشئة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ويُسخّر‭ ‬لهم‭ ‬القنوات‭ ‬وغيرها،‭ ‬لكن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬وسنته‭ ‬المطهرة‭ ‬مغيّبة‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬حياتنا‭ ‬العملية‭ ‬والنظرية‭.‬

هديه‭ ‬وسنته‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬أصبحا‭ ‬مهجورين‭ ‬تماماً‭ ‬كالقرآن‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬الموتى‭ ‬والمقابر،‭ ‬نأسف‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬أمتنا‭ ‬وابتعاد‭ ‬الكثيرين‭ ‬عن‭ ‬الاتعاظ‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬نبينا‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬رسولنا‭ ‬الكريم‭ ‬وتعلم‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬أسس‭ ‬حقيقية‭ ‬وصلاح‭ ‬جذري‭ ‬للمجتمع‭ ‬ومبادئه‭ ‬تنشر‭ ‬الخير‭ ‬والمحبة‭ ‬والسلام‭.‬

عند‭ ‬اتباع‭ ‬سنته‭ ‬والالتزام‭ ‬بتعاليم‭ ‬ديننا‭ ‬حتماً‭ ‬سينقشع‭ ‬الظلام‭ ‬ونرى‭ ‬النور،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمان‭ ‬للتسامح‭ ‬وأجمل‭ ‬الخصال‭ ‬التي‭ ‬حثنا‭ ‬عليها‭ ‬النبي‭ ‬لنتمكن‭ ‬من‭ ‬تجميع‭ ‬قوتنا‭ ‬والتقدم‭ ‬نحو‭ ‬الأمام‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬نبتعد‭ ‬عما‭ ‬حثنا‭ ‬عليه‭ ‬لنرى‭ ‬أنفسنا‭ ‬نعود‭ ‬للوراء‭.‬