الرعاية السامية

| د. عبدالله الحواج

رغم‭ ‬العارض‭ ‬الصحي،‭ ‬والمهام‭ ‬الجسيمة،‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬العظيمة،‭ ‬أبى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬العهد،‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬الوعد‭ ‬ليرعى،‭ ‬كعادة‭ ‬سموه‭ ‬السنوية‭ ‬المباركة،‭ ‬حفل‭ ‬تخريج‭ ‬فوج‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬طلائع‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية،‭ ‬ومن‭ ‬أبنائه‭ ‬الذين‭ ‬تربوا‭ ‬وترعرعوا‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬دولته‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬بالجهد‭ ‬والعرق،‭ ‬وبلاده‭ ‬التي‭ ‬حافظ‭ ‬سموه‭ ‬عليها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬عزيمة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يضفيه‭ ‬من‭ ‬صبر‭ ‬وكد‭ ‬ومثابرة‭ ‬على‭ ‬وطنه‭ ‬الغالي‭ ‬البحرين‭.‬

سموه‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬يدرك‭ ‬دائما‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬الأمن‭ ‬الناعم،‭ ‬هو‭ ‬السيطرة‭ ‬المضمونة‭ ‬على‭ ‬تحديات‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وهو‭ ‬ضمانة‭ ‬النماء،‭ ‬وسلامة‭ ‬البقاء،‭ ‬وعين‭ ‬اليقين‭ ‬على‭ ‬تضاريس‭ ‬الحياة‭ ‬الوعرة،‭ ‬هو‭ ‬أيقونة‭ ‬الأمم،‭ ‬والمعرفة‭ ‬هي‭ ‬كائنها‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينفض‭ ‬رحيقه‭ ‬بالتقادم‭. ‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الكريمة‭ ‬بقلب‭ ‬ملؤه‭ ‬الإيمان‭ ‬بشباب‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬بأجياله‭ ‬الطالعة‭ ‬المتطلعة‭ ‬للغد،‭ ‬بأبنائه‭ ‬الذين‭ ‬نشأوا‭ ‬وتربوا‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬الوعي‭ ‬الجمعي‭ ‬الذي‭ ‬غرسه‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬نفوسهم،‭ ‬بالحس‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجود‭ ‬الزمان‭ ‬بمثله،‭ ‬وبروعة‭ ‬الإتقان‭ ‬عندما‭ ‬تتجلى‭ ‬من‭ ‬قائد‭ ‬ملهم‭ ‬علمته‭ ‬التجارب‭ ‬فتفوق‭ ‬عليها،‭ ‬وصهرته‭ ‬الصعاب‭ ‬فكان‭ ‬أهلًا‭ ‬لها‭. ‬

إن‭ ‬الأمم‭ ‬الناهضة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحاكي‭ ‬الحداثة‭ ‬والتقدم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أصالة‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬الجذور،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تاريخ‭ ‬عريق‭ ‬يستمد‭ ‬خلوده‭ ‬من‭ ‬أمة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التجدد،‭ ‬ومن‭ ‬عبق‭ ‬أصيل‭ ‬يستعيد‭ ‬عزته‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬رياح‭ ‬التغيير‭ ‬قوية‭.. ‬إن‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬انكفأت‭ ‬على‭ ‬آلامها،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬فرطت‭ ‬في‭ ‬وحدتها‭ ‬وقبلت‭ ‬بتقسيم‭ ‬الشعب‭ ‬الواحد‭ ‬إلى‭ ‬شيع‭ ‬وقبائل،‭ ‬ومناطق‭ ‬ومحاجر،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أسيرة‭ ‬للوعي‭ ‬المفقود،‭ ‬لأفكار‭ ‬هدامة،‭ ‬لمعالم‭ ‬باهتة،‭ ‬ولشعارات‭ ‬كاذبة‭ ‬ولافتات‭ ‬زائفة،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬بوصلتنا‭ ‬المعرفية‭ ‬نحو‭ ‬فنار‭ ‬لا‭ ‬يلين،‭ ‬نحو‭ ‬وطن‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬المساومة‭ ‬ولا‭ ‬التقسيم،‭ ‬فظل‭ ‬سموه‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬مدافعا‭ ‬شرسا،‭ ‬وصنديدا‭ ‬بطلا،‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وطنه‭ ‬متحابًا‭ ‬متحدا،‭ ‬متكاتفا‭ ‬متقدا‭ ‬بالآباء‭ ‬والمواطنة‭ ‬والانتماء‭ ‬والوحدة‭.‬

إن‭ ‬تخريج‭ ‬المئات‭ ‬بل‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬طلبتنا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عمر‭ ‬“الأهلية”‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يبلغ‭ ‬مداه‭ ‬إلا‭ ‬بفضل‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المتناهي‭ ‬من‭ ‬قادتنا‭ ‬للتعليم‭ ‬الراقي‭ ‬المنضبط،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬لطلبتنا‭ ‬وهم‭ ‬يشهدون‭ ‬اليوم‭ ‬تخريج‭ ‬الفوج‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يفخروا‭ ‬بوطنهم،‭ ‬ويفتخروا‭ ‬بإنجازاته‭ ‬وإنجازاتهم،‭ ‬ويصعدوا‭ ‬أمام‭ ‬الرعاية‭ ‬المباركة‭ ‬ليحصدوا‭ ‬تعب‭ ‬السنين‭ ‬ويتسلموا‭ ‬شهادات‭ ‬التخرج‭ ‬فرحين،‭ ‬متفائلين،‭ ‬متطلعين‭ ‬للمستقبل‭ ‬العظيم‭ ‬بكل‭ ‬أمل،‭ ‬وكل‭ ‬إصرار‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬طريق‭ ‬المعرفة،‭ ‬وتطبيق‭ ‬مخرجات‭ ‬التعلم‭ ‬الراقية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مواقعهم‭ ‬العملية‭ ‬أو‭ ‬العلمية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يقدرها‭ ‬نصيب‭ ‬الاختيار‭ ‬فيكم‭. ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬كان‭ ‬للجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬ذلك‭ ‬السبق‭ ‬المتحقق‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬المكانة‭ ‬الأممية،‭ ‬تماما‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭ ‬الحرص‭ ‬من‭ ‬قائد‭ ‬مسيرة‭ ‬ورائد‭ ‬نهضة‭ ‬وسموه‭ ‬يرعى‭ ‬بنفسه‭ ‬حفل‭ ‬تخريج‭ ‬طلبة‭ ‬جامعتنا‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬التزمت‭ ‬أنسنة‭ ‬التوجهات‭ ‬وعولمة‭ ‬العلوم‭ ‬والتطبيقات،‭ ‬فوفرت‭ ‬لطلابها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬‮١٨‬‭ ‬سنة‭ ‬باقات‭ ‬من‭ ‬علوم‭ ‬وآداب‭ ‬وفنون‭ ‬اللحظة،‭ ‬ونجحت‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬جدارتها‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬وتوثيق‭ ‬خطاها‭ ‬المعرفية،‭ ‬وتسطير‭ ‬أحرف‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬في‭ ‬مضامير‭ ‬الجودة‭ ‬والتألق‭ ‬العلمي‭ ‬فكان‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭ ‬التجسد‭ ‬الكامل‭ ‬للرقي‭ ‬وهي‭ ‬تحتفي‭ ‬مساء‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬رعايتكم‭ ‬الكريمة‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬بتخريج‭ ‬هذه‭ ‬الطلائع‭ ‬من‭ ‬أبنائكم‭ ‬وهؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬فلذات‭ ‬أكبادكم،‭ ‬فلكم‭ ‬منا‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والعرفان،‭ ‬وكل‭ ‬الحب‭ ‬والامتنان،‭ ‬الله‭ ‬يحفظكم‭ ‬وهو‭ ‬خير‭ ‬الحافظين‭.‬