باولو كويلو... وشغف السعي نحو الحلم

| أميرة صليبيخ

كان‭ ‬يعلم‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كاتبا‭ ‬مشهورا،‭ ‬لكن‭ ‬أسرته‭ ‬المحافظة‭ ‬أرادت‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مهندسا‭ ‬لأن‭ ‬الكتابة‭ - ‬كما‭ ‬يرونها‭ - ‬مهنة‭ ‬ليست‭ ‬جديرة‭ ‬بالاحترام‭. ‬استمر‭ ‬رفض‭ ‬الأسرة‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬لدرجة‭ ‬التطرف،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬كويلو‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬اصطدم‭ ‬بقرار‭ ‬إدخاله‭ ‬مصحة‭ ‬عقلية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لثنيه‭ ‬عن‭ ‬حلمه،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬حلمه‭ ‬“مجنون”‭ ‬ويجب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتشافى‭ ‬منه‭!‬

بعد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬المصحة‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الثالثة،‭ ‬عاش‭ ‬كويلو‭ ‬حياة‭ ‬التحرر‭ ‬كواحد‭ ‬من‭ ‬الهيبيين،‭ ‬وغرق‭ ‬في‭ ‬وحل‭ ‬المخدرات‭ ‬والجنس‭ ‬والتمرد‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬أورده‭ ‬السجن‭ ‬3‭ ‬مرات‭ ‬وعرّضه‭ ‬للتعذيب،‭ ‬حتى‭ ‬خرج‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للحياة‭ ‬مع‭ ‬تصميم‭ ‬بالمضي‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬حلم‭ ‬الطفولة‭ (‬الكتابة‭).‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬زار‭ ‬أسبانيا‭ ‬وقام‭ ‬برحلة‭ ‬الحج‭ ‬الروحانية،‭ ‬حيث‭ ‬قطع‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬ميل‭ ‬مشيا‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭ ‬عندما‭ ‬شعر‭ ‬فجأة‭ ‬بصحوة‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬ألهمته‭ ‬كتابة‭ ‬عدة‭ ‬روايات‭ ‬منها‭ ‬الرواية‭ ‬الأشهر‭ ‬“الخيميائي”،‭ ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬انتشرت‭ ‬عدوى‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية‭ ‬وتركت‭ ‬صداها‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الملايين‭ ‬الذين‭ ‬اعتنقوا‭ ‬نهج‭ ‬بطل‭ ‬الرواية‭ ‬الساعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬رغم‭ ‬الصعاب،‭ ‬وبلغ‭ ‬تأثير‭ ‬كويلو‭ ‬أن‭ ‬سمّاه‭ ‬البعض‭ ‬نبياً‭.‬

اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬مليار‭ ‬شخص‭ ‬قرأ‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬العالمية،‭ ‬وترجمت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬89‭ ‬لغة‭ ‬ووزعت‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬170‭ ‬دولة‭ ‬ودخلت‭ ‬موسوعة‭ ‬غينيس‭ ‬للأرقام‭ ‬القياسية‭ ‬لأكثر‭ ‬كتاب‭ ‬مترجم‭ ‬لكاتب‭ ‬مازال‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭.‬

يقول‭ ‬كويلو‭ ‬“تذكر‭ ‬أحلامك‭ ‬وقاتل‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تريده‭ ‬في‭ ‬الحياة”‭ ‬وهذا‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭. ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬“عندما‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬فإن‭ ‬الكون‭ ‬بأسره‭ ‬يطاوعك‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بتحقيق‭ ‬رغبتك”،‭ ‬فهل‭ ‬مازلت‭ ‬تجهل‭ ‬حلمك‭!.‬