ياسمينيات

الشخصيات المدمرة

| ياسمين خلف

هم،‭ ‬يطلقون‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬الشخصيات‭ ‬الملهمة،‭ ‬والبعض‭ ‬يطلق‭ ‬عليهم‭ ‬الشخصيات‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬السوشل‭ ‬ميديا،‭ ‬ولعمري‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬إلا‭ ‬شخصيات‭ ‬مدمرة،‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬جيل‭ ‬لا‭ ‬يهتم‭ ‬إلا‭ ‬بالقشور‭ ‬دون‭ ‬المضمون،‭ ‬جيل‭ ‬همه‭ ‬وشغله‭ ‬الشاغل‭ ‬كيف‭ ‬يبدو‭ ‬شكله‭ ‬الخارجي،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كيف‭ ‬يجاري‭ ‬آخر‭ ‬صيحات‭ ‬الموضة،‭ ‬إنما‭ ‬كيف‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يجاري‭ ‬آخر‭ ‬صيحات‭ ‬عيادات‭ ‬التجميل‭! ‬جيل‭ ‬وجد‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬الحر‭ ‬والفضاء‭ ‬الواسع‭ ‬فرصة،‭ ‬لاستخدام‭ ‬الكلمات‭ ‬البذيئة،‭ ‬والتصرفات‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الشاذة،‭ ‬بكل‭ ‬حرية،‭ ‬بل‭ ‬بكل‭ ‬تشجيع‭ ‬طالما‭ ‬وجد‭ ‬من‭ ‬يضحك،‭ ‬ويصفق‭ ‬له‭ ‬باللايكات‭.‬

الشخصيات‭ ‬المدمرة‭ ‬هذه‭ ‬للأسف‭ ‬بدأت‭ ‬تحظى‭ ‬بالشهرة‭ ‬والتوسع،‭ ‬وتلقى‭ ‬اهتمام‭ ‬واحترام‭ ‬شرائح‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬والجهات،‭ ‬فلا‭ ‬تدخل‭ ‬محفلاً،‭ ‬ولا‭ ‬تزور‭ ‬معرضاً‭ ‬إلا‭ ‬وتجد‭ ‬من‭ ‬يتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات،‭ ‬حتى‭ ‬باتوا‭ ‬مثالاً‭ ‬يحتذى‭ ‬به،‭ ‬وقدوة‭ ‬للأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬والصغار‭ ‬من‭ ‬الشباب‭.‬

المطاعم‭ ‬أخذت‭ ‬تستقطبهم،‭ ‬وتقدم‭ ‬عروضاً‭ ‬استثنائية‭ ‬لمشاركتهم‭ ‬الوجبات،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬طبعاً‭ ‬بالسعر‭ ‬“الفلاني”‭ ‬لأن‭ ‬“فلان‭ ‬أو‭ ‬فلانة”‭ ‬ستقاسمه‭ ‬الطاولة‭! ‬ودور‭ ‬النشر‭ ‬أخذت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬تجري‭ ‬وراءهم،‭ ‬لتصدر‭ ‬لهم‭ ‬كتباً‭ ‬تحكي‭ ‬سيرهم‭ ‬وأقوالهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬أيقونات‭ ‬للخبرة‭ ‬والتجربة،‭ ‬ومُثل‭ ‬عليا‭ ‬يحتذى‭ ‬بهم‭! ‬والأدهى‭ ‬إن‭ ‬رأيت‭ ‬تهافت‭ ‬القراء‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الإصدارات،‭ ‬ونفاد‭ ‬النسخ،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تجد‭ ‬ركوداً‭ ‬عند‭ ‬مؤلفات‭ ‬كبار‭ ‬الأدباء‭ ‬والمثقفين‭!‬

المشكلة‭ ‬لا‭ ‬نحملها‭ ‬إياهم‭ ‬وحدهم،‭ ‬فهم‭ ‬فئة‭ ‬وجدت‭ ‬من‭ ‬الشهرة‭ ‬الطريق‭ ‬الأسهل‭ ‬لجني‭ ‬الأموال،‭ ‬وأية‭ ‬أموال‭ ‬فهي‭ ‬مداخيل‭ ‬عالية،‭ ‬وأضعاف‭ ‬مضاعفة‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يجنونه‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬موظفين‭ ‬أو‭ ‬يشغلون‭ ‬مراكز‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بعيداً‭ ‬طبعاً‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬والشهرة،‭ ‬وعن‭ ‬الحركات،‭ ‬واللبس،‭ ‬والشكل‭ ‬الأقرب‭ ‬للدمى‭! ‬الموجة‭ ‬أخذت‭ ‬معها‭ ‬الكبير‭ ‬قبل‭ ‬الصغير،‭ ‬الرجال‭ ‬قبل‭ ‬النساء‭ ‬والذين‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬لهم‭ ‬لا‭ ‬غيرة‭ ‬ولا‭ ‬“رزة”،‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يخجل‭ ‬من‭ ‬نفسه‭.‬

لن‭ ‬نعمم،‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬الملهمة‭ ‬فعلاً،‭ ‬والتي‭ ‬نعترف‭ ‬أننا‭ ‬نرفع‭ ‬لها‭ ‬القبعة‭ ‬احتراماً،‭ ‬ولكن‭ ‬هم‭ ‬قلة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قورنوا‭ ‬بأولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬غير‭ ‬العري‭ ‬والحركات‭ ‬الشاذة‭ ‬للظهور،‭ ‬هم‭ ‬كالسم‭ ‬المدسوس‭ ‬في‭ ‬عضل‭ ‬جيل‭ ‬مبهور‭ ‬بالأضواء‭ ‬والشهرة،‭ ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬غير‭ ‬هؤلاء‭ ‬ليكونوا‭ ‬لهم‭ ‬قدوة‭!.‬

ياسمينة‭: ‬

لابد‭ ‬من‭ ‬رقابة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬من‭ ‬يراقبهم‭ ‬ويحاسبهم‭.‬